للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويحسُنُ أن يقدَّر هذا المحذُوف المعادل بعد قوله: «لَفَاسِقُون» ، والذي يَنْبَغِي ألَاّ يُقَال: في هذا النَّوْع ثَمَّ حذف؛ لأنَّ ذلك من بَابِ فَحْوَى الخِطَابِ، والأمْر فيه واضِحٌ.

فصل

المعنى: «فإن تَولَّوْا» : أعرضوا عن الإيمَان ولَمْ يَقْبَلُوا حُكْمَكَ، {فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم} أي: فاعْلَم أن إعْراضهم من أجْلِ أن يُرِيد الله أن يعجِّل لهم العُقُوبَة في الدُّنْيَا، بأن يُسَلِّط عَلَيْهِم ويُعذِّبَهُم في الدُّنْيَا [بالقَتْلِ والجَلَاء] ، وخصَّ تعالى بَعْضَ الذُّنُوب؛ لأنَّ القَتْل جُوزُوا به في الدُّنْيَا بِبَعْضِ ذُنُوبهم، وكانت مُجَازَاتهم بالبعض كَافِياً في إهلاكهم، {وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الناس} ، يعني: اليَهُود. «لفاسقون» لمتمردّون في الكُفْرِ ومُعْتَدُون فيه.

قوله تعالى: «أفَحُكْمَ» : الجمهور على ضمِّ الحاء، وسُكُون الكَافِ ونَصْبِ الميم، وهي قِرَاءَة واضِحَةٌ.

و «حُكْمَ» مَفْعُول مقدَّم، و «يَبْغُون» فعل وفاعل، وهو المْستفْهَم عَنْه في المَعْنَى.

و «الفاء» فيها القَوْلان المشهوران: هل هي مُؤخَّرة عن الهَمْزة وأصلُهَا التَّقدِيم، أو قَبْلَها جملة عَطَفَتْ ما بعدها عليها تقديره: أيعدِلُون عن حُكْمِكَ فَيَبْغُونَ حُكْمَ الجاهليَّة؟

وقرأ ابن وثَّاب، والأعْرج، وأبو رجَاء، وأبو عبد الرَّحمن برفع الميمِ، وفيها وجهان:

أظهرهما - وهو المَشْهُور عند المُعربين -: أنه مُبْتَدأ، و «يَبْغُون» خبره، وعائِدُ المبتدأ محذُوفٌ تقديرُه: «يَبْغُونَهُ» حَمْلاً للخبر على الصِّلَة، إلا أنَّ بعضهُم جَعَلَ هذه القِرَاءة خَطَأ، حتى قال أبُو بكر بن مُجَاهِد: «هذه القراءةُ خَطَأ» ، وغيره يَجْعَلُهَا ضَعِيفَة، ولا تَبْلُغ دَرَجَةَ الخَطَأ.

قال ابن جنِّي في قول ابن مُجاهد: لَيْس كذلك، ولكنَّه وَجْهٌ غَيْرُه أقْوى منه، وقد جَاءَ في الشِّعْر، قال أبو النَّجْم: [الرجز]

١٩٧٧ - قَدْ أصْبَحَتْ أمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي ... عَلَيَّ ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أصْنَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>