قال ابن عطيَّة: وهكذا الرِّواية، وبها يَتِمُّ المَعْنى الصَّحِيح؛ لأنَّه أراد التبَرُّؤ من جَمِيع الذُّنُوبِ، ولو نَصب «كُل» لكان ظَاهِر قوله أنَّه صنع بَعْضَه، وهذا الذي ذكره ابن عطيَّة معنى صَحيح نصَّ عليه أهل علم المعاني والبيان، واستَشْهَدُوا على ذلك بقوله - عليه السلام - «حين سأله ذُو اليَديْن، فقال:» أقصرت الصَّلاةُ أمْ نَسِيتَ؟ فقال:«كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ»
أراد - عليه السلام - انتفاء كلِّ فردٍ فردٍ، وأفَادَ هذا المَعْنَى تقديم «كُلّ» ، قالوا: ولو قال: «لَمْ يَكُن كُلُّ ذَلِك» لاحتمل الكلام أنَّ البعض غير مَنْفِي، وهذه المَسْألَةُ تُسَمَّى عموم السَّلْب، وعكسها نحو:«لَمْ أصْنَع كلَّ ذلك» يُسمَّى سَلْبَ العُمُوم، وهذه مسألة مُفِيدَةٌ، وإن كان بَعْضُ النَّاسِ قد فَهِم عن سيبويه غير ما [ذكرت لك] .
ثُمَّ قال ابن عطيَّة: وهو قَبِيحٌ - يعني: حذف العَائِد من الخَبَرِ - وإنَّما يُحْذَف الضَّمِير كثيراً من الصِّلَةِ، ويحذف أقَلّ مِنْ ذلك من الصِّفَة، وحذْفُه من الخبر قَبِيحٌ.
ولكنَّه رجَّح البَيْتَ على هذه القِرَاءةِ بِوَجْهَيْنِ.
أحدهما: أنَّه ليس في صَدْرِ قوله [ألِف] استفهام تَطْلُب الفعل، كما هي في «أفَحُكْمَ» .