وأصحابه - لعنهم الله - «يُسَارِعُون [فيهم» أي: في] مودَّة اليَهُود ونَصَارى نَجْران؛ لأنَّهم كانوا أهل ثرْوَة، وكانوا يُعِينُونَهُم على مُهِمَّاتِهِم، ويُقْرِضُونَهُم.
ويقول المَنَافِقُون: إنَّما نُخَالِطُهم لأنّا نَخْشَى أن تُصِيبنَا دَائِرَةٌ قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - والزَّجَّاج: أي: نَخْشَى ألا يَتِمَّ الأمْرُ - لمحمَّد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -، فيدُور الأمْر كما كان قبل ذلك. وقيل: نَخْشَى أن يدُور الدَّهْر علينا بِمَكْرُوه من جَدْب أو قَحْط، فلا يُعْطُون المِيَرة والقَرْض.
قوله:{فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح} ، «أن يَأتِي» في محلِّ نَصْبٍ إمَّا [على] الخبر ل «عسى» ، وهو رأي الأخْفَش، وإمَّا على أنَّهُ مَفْعُول به، وهو رأيُ سيبوَيْه لئلَاّ يلزم الإخْبَار عن الجُثَّةِ بالحدَثِ في قولك:«عَسَى زَيْدٌ أن يَقُوم» .
وأجاز أبو البقاء أن يكون «أنْ يأتِي» في محلِّ رفعٍ على البَدَلِ من اسْمِ «عسى» ، وفيه نظر.
فصل
قال المُفَسِّرُون - رحمهم الله -: عسى من اللَّه واجِب؛ لأنَّ الكَرِيم إذا طَمِعَ في خَيْر فعله، وهو بِمَنْزِلَةِ الوَعْدِ؛ لتعلُّق النَّفْسِ به ورَجَائِها له، قال قتادةُ ومُقَاتِل: فَعَسَى اللَّه أن يَأتِي بالقَضَاء الفَصْل من نَصْر مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم - على من خَالَفَهُ.
وقال الكَلْبِي والسُّدِّيُّ: فتح «مَكَّةَ» ، وقال الضَّحَّاك: فتح قُرَى اليَهُود مثل خَيْبَر وفدك.
{أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ} .
قال السُّدِّي: هي الجِزْيَة، وقال الحَسَن: إظْهَار أمر المُنَافِقِين والأحبار بأسْمَائهم والأمر بِقَتْلِهِم، وقيل: الخَصْبُ والسَّعَة للمُسْلِمِين، وقيل: إتْمَام أمْر محمَّد - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم -، وقيل:{هذا عذابٌ أليم} .