للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٩٨٢ - للبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي ... أحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ

وقول الآخر: [الطويل]

١٩٨٣ - لَقَدْ كَانَ في حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُهُ ... تَقَضِّي لُبانَاتٍ وَيَسْأمَ سَائِمُ

وهذا مردودٌ من ثلاثةِ أوْجُه:

أحدها: أنه يُؤدِّي ذلك إلى الفَصْل بين أبْعَاض الصِّلةِ بأجْنَبِيٍّ، وذلك لأنَّ الفَتْحَ على قول مَؤوَّل ب «أن» والفعل تقديره: أن يَأتِي بأن يفتح، وبأنْ يقول، فيقعُ الفصلُ بقوله «فَيُصبِحُوا» وهو أجنبي؛ لأنَّه مَعْطُوف على «يأتي» .

الثاني: أن هذا المصْدر - وهو الفَتْح - ليس يُرادُ به انحلاله لحرفٍ مصدري وفعل، بل المراد به مَصْدَر غير مُرادٍ به ذلك، نحو: يُعْجِبُنِي ذكاؤك وعِلْمُك.

الثالث: أنه وإن سُلِّمَ انحِلاله لحرف مَصْدري وفعل، فلا يكون المعنى على: «فعسى اللَّه أن يأتي بأنْ يقولَ الذين آمنوا» ، فإنه نابٍ عنه نُبُوّاً ظاهراً.

الثالث - من أوجُه نَصْب «ويقول» -: أنه منصوبٌ عَطْفاً على قوله: «يَأتي» أي: فَعَسَى اللَّه أن يأتي بأنْ يقولَ، وإلى هذا ذهب الزَّمَخْشَرِي، ولم يَعْتَرِض عليْه بِشَيْء.

وقد رُدَّ ذلك بأنَّهُ يلزَمُ عَطفُ ما لا يجُوزُ أن يكُون خبراً على ما هُوَ خَبَر، وذلك أن قوله: «أن يأتي» خبر «عَسَى» وهو صحيحٌ؛ لأن فيه رابطاً عائِداً على اسم «عَسَى» [وهو ضمير الباري تعالى، وقوله: «ويقول» ليس فيه ضمير يعود على اسم «عسى» ] فكيف يَصِحُّ جعلُهُ خبراً؟ وقد اعتذر من أجاز ذَلِك عنه بثلَاثَةِ أوْجُه:

أحدها: أنه من بَابِ العَطْف على المَعْنَى، والمعنى: فَعَسى أنْ يأتي الله بالفَتْح، وبقولِ الذين آمَنُوا، فتكون «عَسَى» تامَّة؛ لإسنادها إلى «أنْ» وما في حَيِّزهَا، فلا تحتاجُ حينئذٍ إلى رابطٍ، وهذا قرِيبٌ من قولهم: «العطْفُ على التَّوهُّم» نحو: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين} [المنافقون: ١٠] .

الثاني: أنَّ «أنْ يَأتِيَ» بَدَلٌ من اسْمِ الله - تعالى - لا خبر، وتكون «عَسَى» حينئذٍ تامَّة، وكأنه قِيل: فعسَى أن يَقُول الذين آمَنُوا، وهذان الوَجْهَان مَنقُولان عن أبِي عَلِيٍّ الفارسيّ، إلا أنَّ الثَّاني لا يَصحُّ؛ لأنهم نَصُّوا على أن «عَسَى» و «اخْلَوْلَق» و «أوْشَكَ» من بين سَائِر أخَوَاتِهَا يجُوزُ أن تَكُون تامّةً، بشرط أن يكُون مَرْفُوعُها: «أنْ يَفعل» ، قالوا: ليُوجَدَ في الصُّورة مُسْندٌ ومُسْنَدٌ إليه، كما قالوا ذَلِكَ في «ظَنّ» وأخواتها: إنَّ «أنْ» و «أنَّ» تسدُّ مَسدَّ مَفْعُوليها.

والثالث: أن ثَمَّ ضميراً مَحْذُوفاً هو مُصَحِّحٌ لوُقُوع «وَيَقُول» خبراً عن «عَسَى» ،

<<  <  ج: ص:  >  >>