والثاني: أن «الَّذِين» خَبَر أوَّل، و «حَبِطَتْ» خبر ثانٍ عند من يُجِيزُ ذلك، وجعل الزمخْشَرِيّ «حَبِطَت أعمَالهم» مفهمة للتَّعجُّب.
قال: وفيه معنى التَّعجُّب كأنَّه قيل: «ما أحَبَطَ أعْمَالَهُم ما أخْسَرَهُمْ» ، وأجاز مع كونه تعجُّباً أن يكون من قولِ المؤمنين، فيكون في محلِّ نَصْب، وان يكون من قَوْلِ الباري - تعالى - لكنَّه أوَّل التَّعَجُّبَ في حقِّ الله - تعالى - بأنه تَعْجِيبٌ، قال:«أوْ مِنْ قول الله - عَزَّ وَجَلَّ َّ - شهادة لهم بِحُبُوطِ الأعْمَال، وتعْجِيباً من سُوءِ حالِهِمْ» والمعنى: ذهب ما أظْهَرُوه من الإيمان، وبطل كُلُّ خَيْرٍ عَمِلُوه؛ لأجل أنَّهم الآن أظْهرَوا مُوالاة اليَهُود والنَّصَارى فأصْبَحوا خَاسِرِين في الدُّنْيَا والآخرة، [أمَّا في الدُّنْيا فلذهَاب ما عَمِلُوا ولم يَحْصُل لهم شيء من ثَمَرتِهِ، وأمَّا في الآخرة] فلاسْتِحْقَاقِهم اللَّعْن والعذاب الدائم، وقرأ أبُو واقد والجرَّاح «حَبَطت» بفتح «الباء» ، وهما لُغَتَان، وقد تقدَّم ذلك.
وقوله تعالى:«فأصْبَحُوا» وجه التسبب في هذه الفاء ظاهر.