للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: تقدم الصِّلَة على الموْصُول، والتَّقْدِير: هل تَكْرَهُون مِنَّا إلَاّ إيماننا. انتهى.

وفي قوله: مَفْعُول أوَّل، ومفعول ثَان نَظَر؛ لأنَّ الأفْعَال الَّتِي تتعدَّى لاثْنَيْن إلى أحدهما بِنَفْسِها، وإلى الآخَرِ بحَرْف الجرِّ مَحْصُورة ك «أمر» ، و «اخْتَار» ، و «استغْفَرَ» ، و «صَدَّق» و «سَمَّى» ، و «دَعَا» بمعناه، و «زَوَّج» ، و «نَبَّأ» ، و «أنْبَأ» ، و «خَبَّر» ، و «أخْبَر» ، و «حَدَّث» غير مُضَمَّنَةٍ معنى «أعْلَم» ، وكلُّها يَجُوز فيها إسْقَاط الخَافِضِ والنَّصب، ولَيْسَ هذا مِنْها.

وقوله: «ولا يجُوز أن يكُونَ حالاً» يعني: أنَّه لو تَأخَّر بعد «أن آمَنَّا» لَفْظَة «مِنّا» ، لجاز أن تكون حَالاً من المصْدر المؤوَّل من «أنْ» وصلَتِها، ويَصِير التَّقْدِير: هل تكرهون إلَاّ الإيمان في حال كونه «منا» ، لَكِنَّهُ امتنع من تقدُّمِهِ على «أنْ آمنَّا» للوجهين المذكورين.

أحدهما: تقدُّمه على «إلاّ» ويعني بذلك: أن الحال لا تتقدم على «إلَاّ» .

قال شهابُ الدِّين: ولا أدري ما يمنع ذلك لأنه إذا جعل «مِنَّا» حالاً من «أن» و «ما» في حيزها كان حال الحال مقدراً، ويكونُ صاحب الحال محصوراً، وإذا كان صاحب الحال محصوراً وَجَبَ تقديم الحال عليه، فيقال: «مَا جَاءَ رَاكِباً إلَاّ زَيْدٌ» ، و «ما ضَربْتُ مَكْتُوفاً إلا عَمْراً» ، ف «راكباً» و «مكتوفاً» حالان مقدمان وجوباً لحصر صاحبيهما فهذا مثله.

وقوله: « [والثاني: تقدُّم الصلة على الموصول] لم تتقدَّم صلة على موصول.

بيانه: أنَّ الموصول هو» أنْ «، والصلة» آمَنَّا «، و» منَّا «ليس متعلّقاً بالصلة، بل هو معمول لمقدَّر، ذلك المقدر في الحقيقة منصوب ب» تنقمون «، فَمَا أدْرِي ما توهمه حتى قال ما قال؟

على أنه لا يجوز أن يكون حالاً، لكن لا لما ذكر؛ بل لأنه يؤدي إلى أنه يصير التقدير:» هَلْ تَنْقِمُونَ إلا إيماننا منا «فمن نفس قوله:» إيماننا «فهم أنَّه منَّا، فلا فائدة فيه حينئذٍ.

فإن قيل: تكون حالاً مؤكدة.

قيل: هذا خلاف الأصل، وليس هذا من مَظَانِّهَا، وأيضاً فإنَّ هذا شبيه بتهيئة العامل للعمل، وقطعه عنه، فإن» تَنْقِمُونَ «يطلب هذا الجار طلباً ظاهراً.

وقرأ الجمهور» وما أنزل إلَيْنَا وما أنزل [مِنْ قَبْل] «بالبناء للمفعول فيهما، وقرأ أبو نهيك:» أنْزل، وأنْزل «بالبناء للفاعل، وكلتاهما واضحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>