والزجاج، وأبي عُبَيْدٍ، ونصيرٍ الرازيِّ النحويِّ صاحب الكسائيِّ؛ قال الفرَّاء:» إنما يجوز ذلك في ضرورةِ الشِّعْرِ - يعني ضمَّ باء «عَبُدٍ» - فأمَّا في القراءة فَلَا «، وقال أيضاً:» إنْ تكنْ لغةً مِثْلَ حَذُرٍ وعَجُلٍ، جاز ذلك، وهو وجهٌ، وإلَاّ فلا تجوزُ في القراءة «، وقال الزَّجَّاج:» هذه القراءةُ ليستْ بالوجهِ؛ لأنَّ عَبُداً على فَعُلٍ، وهذا ليس من أمثلةِ الجَمْعِ «، وقال أبو عُبَيْدٍ:» إنما معنى العَبُدِ عندهم الأعْبُدُ، يريدون خَدَم الطَّاغوتِ، ولم نجدْ هذا يَصِحُّ عند أحدٍ من فصحاء العرب أن العَبْدَ يقال فيه عَبُدٌ، وإنما عَبْدٌ وأعْبُدٌ «، وقال نصيرٌ الرزايُّ:» هذا وَهْمٌ مِمَّن قرأ به، فليتَّق الله مَنْ قرأ به، وليسألْ عنه العلماء حتى يُوقَفَ على أنه غير جائز «.
قال شهاب الدين: قد سألوا العلماءَ عن ذلك ووجدوه صحيحاً في المعنى بحمد الله تعالى، وإذا تواتر الشيءُ قرآناً، فلا التفاتَ إلى مُنْكِره؛ لأنه خَفِيَ عليه ما وَضَح لغيره.
وقَدْ ذَكَرُوا في تَوْجِيه هذه القِرَاءة وُجُوهاً: مِنْهَا ما تقدَّمَ [من أنَّهم] ضَمُّوا البَاءَ للمبالَغَة، كقولِهِم: «حَذُر» و «فَطُن» ومنها ما نقله البَغَوِي وغيره: أنَّ «العبْد» و [ «العبُد» ] لغتان كقولهم سَبْع، وسَبُع.
ومنها: أن العَبْد جمعه عِبَاد، والعِبَادُ جَمْعُ عُبُد، كثِمَار وَثُمُر، فاستثقلوا ضَمَّتَيْن مُتَواليتيْن فأبْدِلت الأولى فَتْحَة.
ومنها: يحتمل أنهم أرادوا أعْبُد الطَّاغُوت، مثل فَلْسٍ وأفْلُسٍ ثم [حُذِفَتِ «الهَمْزَةُ» ونقلت حَرَكَتُها إلى «العَيْن» .
ومنها: أنه أراد: وعبدةَ الطَّاغُوت، ثم] حذفت الهاء وضم الباء لِئَلَاّ يُشْبِه الفِعْلَ. وأمَّا القراءاتُ الشاذَّةُ فقرأ أبَيٌّ:«وعَبَدُوا» بواو الجمع؛ مراعاةً لمعنى «مَنْ» ، وهي واضحةٌ، وقرأ الحسنُ البصريُّ في رواية عبَّادٍ:«وعَبْدَ الطَّاغُوتَ» بفتح العين والدال، وسكون الباء، ونصب التاء من «الطَّاغُوتَ» ، وخرَّجها ابن عطية على وجهيْنِ أحدهما: أنه أراد: «وعَبْداً الطَّاغُوتَ» ، فحذف التنوينَ من «عَبْداً» ؛ لالتقاء الساكنين؛ كقوله:[المتقارب]