للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على الديمومة؛ كقوله: {ياا أَيُّهَا النبي اتق الله} [الأحزاب: ١] {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ آمِنُواْ} [النساء: ١٣٦] .

وقوله: «مَا» يحتمل أن تكون اسميةً بمعنى «الَّذِي» ولا يجوز أن تكون نكرةً موصوفةً؛ لأنه مأمورٌ بتبليغ الجميعِ كما مَرَّ، والنكرةُ لا تَفِي بذلك؛ فإن تقديرها: «بَلِّغْ شَيْئاً أُنْزِلَ إليْكَ» ، وفي «أُنْزِلَ» ضميرٌ مرفوعٌ يعودُ على ما قام مقام الفاعلِ، وتحتملُ على بُعْدٍ أن تكون «مَا» مصدريَّةً؛ وعلى هذا؛ فلا ضمير في «أُنْزِلَ» ؛ لأنَّ «مَا» المصدرية حرفٌ على الصَّحيح؛ فلا بُدَّ من شيءٍ يقومُ مقامَ الفاعلِ، وهو الجارُّ بعده؛ وعلى هذا: فيكونُ التقديرُ: بَلِّغِ الإنْزَالَ، ولكنَّ الإنزالَ لا يُبَلَّغُ فإنه معنى، إلا أن يُراد بالمصدر: أنه واقعٌ موقع المفعول به، ويجوز أن يكون المعنى: «اعلم بتبليغ الإنْزَالِ» ، فيكونُ مصدراً على بابه.

والمعنى أظهر تَبْلِيغَهُ، كقوله تعالى: {فاصدع بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: ٩٤] .

فصل

روي عن مَسْروق [قال] : قالتْ عائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها -: «من حدَّثَكَ أنَّ مُحَمَّداً - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - كتَم شَيئاً ممّا أنْزل الله، فقد كذب» وهو سبحانه وتعالى يقول: {ياأيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} الآية.

ورُوِيَ عن الحسن: أنَّ الله لمَّا بَعَثَ رسولَهُ، وعرف أنَّ مِنَ النَّاس من يُكَذِّبُه، فَنَزَلَتْ هذه الآية، وقيل: نَزَلَتْ في عيب من اليَهُود وذلك أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - دَعَاهُم إلى الإسلام، فقالوا: أسْلَمْنَا قَبْلَكَ، وجعلوا يَسْتهْزِئُون بِهِ فَيَقُولُون: تريد أن نَتَّخِذَكَ حَنَاناً كما اتَّخَذَ النَّصَارى عِيسى حَنَاناً، فلمَّا رأى النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - ذلك سَكَت، فنزَلَتْ هذه الآية، فأمَرَهُ أنْ يقُولَ لأهْلِ الكِتَاب: {لَسْتُمْ على شَيْءٍ} [المائدة: ٦٨] الآية.

وقيل: بلِّغ الإنْزَال ما أُنْزِلَ إليك من الرَّجْمِ والقِصَاصِ في قصَّةِ اليهود، وقيل: نَزَلَتْ في أمرِ زَيْنَب بِنْتِ جَحْشٍ ونِكَاحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>