للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رَبِّي» على المحلِّ، وحكوا «إنَّهُمْ أجْمَعُونَ ذَاهِبُونَ» ، وغلَّط سيبويه مَنْ قال من العرب: «إنَّهُمْ أجْمَعُونَ ذَاهِبُونَ» ، وأخذ الناس عليه في ذلك من حيْثُ إنه غَلَّط أهْلَ اللسان، وهم الواضعُون أو المتلقُّون من الواضعِ، وأجيبَ بأنهم بالنسبة إلى عامَّة العرب غالطُونَ، وفي الجملة: فالناسُ قد رَدُّوا هذا المَذهبَ، أعني: جواز الرفع عطفاً على محلِّ اسم «إنَّ» مطلقاً، أعني قبل الخبر وبعده، خَفِيَ إعرابُ الاسم أو ظهر، ونقل بعضهم الإجماع على جوازِ الرفْعِ على المحلِّ بعد الخبر، وليس بَشْيء، وفي الجملة: ففي المسألةِ أربعةُ مذاهبَ: مذهبُ المحقِّقين: المنعُ مطلقاً، مذهبُ بعضهم: التفصيلُ قبل الخَبَر؛ فيمتنعُ، وبعده؛ فيجوز، ومذهب الفراء: إنْ خَفِيَ إعرابُ الاسمِ، جاز ذلك؛ لزوال الكراهية اللفظية، وحُكِيَ من كلامهم: «إنَّكَ وَزَيْد ذَاهِبَانِ» ، الرابع: مذهب الكسائيِّ: وهو الجوازُ مطلقاً؛ ويستدلُّ بظاهر قوله تعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ} الآية، وبقول ضَابِىءٍ البُرْجُمِيِّ: [الطويل]

٢٠١٤ - فَمَنْ يَكُ أمْسَى بالمَدينةِ رَحْلُهُ ... فَإنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ

وبقوله: [البسيط]

٢٠١٥ - يَا لَيْتَنَا وَهُمَا نَخْلُو بِمَنْزِلَةٍ ... حَتَّى يَرَى بعْضُنَا بَعْضاً وَنَأتَلِفُ

وبقوله: [الوافر]

٢٠١٦ - وَإلَاّ فاعْلَمُوا أنَّا وأنْتُمْ..... ... ... ... ... ... . .

وبقوله: [الرجز]

٢٠١٧ - يَا لَيْتَنِي وأنْتِ يَا لَمِيسُ ... وبقولهم: «إنَّكَ وَزَيْدٌ ذَاهِبَانِ» ، وكلُّ هذه تَصْلُحُ أن تكونَ دليلاً للكسائيِّ والفراء معاً، وينبغي أن يُوردَ الكسائيُّ دليلاً على جوازِ ذلك مع ظهور إعراب الاسم؛ نحو: «إنَّ زَيْداً وعَمْرو قائِمَانِ» ، وردَّ الزمخشريُّ الرفع على المحلِّ؛ فقال: «فإنْ قلتَ: هلَاّ زَعَمْتَ أن ارتفاعه للعطْفِ على محَلِّ» إنَّ «واسمها، قلتُ: لا يَصِحُّ ذلك قبل الفراغ من الخَبَرِ، لا تقول:» إنَّ زَيْداً وعمرٌو مُنْطَلِقَانِ «، فإنْ قلتَ: لِمَ لا يَصِحُّ والنيةُ به التأخيرُ، وكأنك قلتَ: إنَّ زَيْداً مُنْطلقٌ وعمرٌو؟ قلتُ: لأني إذا رفعته رفعتُه على محلِّ» إنَّ «واسمها، والعاملُ في محلِّهما هو الابتداء، فيجب أن يكون هو العاملَ في الخَبَرِ؛ لأنَّ الابتداء

<<  <  ج: ص:  >  >>