هذا كلامُ أهل اللغة في القِسِّيسِ، ثم قال:«وقال عروةُ بْنُ الزُّبيرِ: ضَيَّعَتِ النصارى الإنجيلَ وما فيه، وبَقِيَ منهمْ رَجُلٌ يقالُ له قِسِّيسٌ» يعني: بقي على دينه لم يُبَدِّلْهُ، فمَنْ بَقِيَ على هديه ودينه ومذهبه، قيل له:«قِسِّيسٌ» ، وقال قطربٌ: القَسُّ والقِسِّيسُ: العَالِمُ بلغة الرُّوم؛ قال وَرَقَةُ:[الوافر]
فعلى هذا: القَسُّ والقِسِّيسُ مما اتفق فيه اللغتان، قلتُ: وهذا يُقَوِّي قول ابن عطيَّة، ولم ينقلْ أهلُ اللغة في هذا اللفظ «القُسّ» بضم القاف، لا مصدراً ولا وصْفاً، فأما قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الإيَادِيُّ، فهو عَلَمٌ، فيجوز أن يكون مِمَّا غُيِّرَ بطريق العلمية، ويكون أصلُه «قَسٌّ» أو «قِسٌّ» بالفتح أو الكسر؛ كما نقله ابن عطية، وقُسُّ بْنُ ساعدَةَ كان أعلم أهْلِ زمانِهِ، وهو الذي قال فيه عليه السلام:«يُبْعَثُ أمَّةً وَحْدَهُ» ، وأمَّا جمعُ قِسِّيسٍ، فجمعُ تصحيحٍ؛ كما في الآية الكريمة، قال الفراء:«ولو جُمِعَ قَسُوساً» ، كان صواباً؛ لأنهما في معنًى واحدٍ «، يعني: قِسًّا» و «قِسِّيساً» ، قال: ويُجْمَعُ القِسِّيسُ على «قَسَاوِسَة» جمعوه على مثال المَهَالبَة، والأصلُ: قَسَاسِسَة، فكثُرت السِّينَاتِ فأُبْدِلت إحداهُنَّ واواً، وأنشدوا لأميَّة:[البسيط]