للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «وَنَطْمَعُ» في هذه الجملة ستَّة أوجه:

أحدها: أنها منصوبة المحلِّ؛ نسقاً على المحكيِّ بالقول قبلها، أي: يقولُونَ كذا ويقولون نطمعُ وهو معنًى حسنٌ.

الثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال من الضمير المستتر في الجارِّ الواقعِ خبراً وهو «لَنَا» ؛ لأنه تضمَّنَ الاستقرارَ، فرفع الضمير وعملَ في الحال، وإلى هذا ذهب الزمخشري؛ فإنه قال: «والواوُ في» ونَطْمَعُ «واوُ الحال، فإن قلتَ: ما العاملُ في الحال الأولى والثانية؟ قلتُ: العاملُ في الأولى ما في اللام من معنى الفعلِ؛ كأنه قيل: أيُّ شيءٍ حَصَل لنا غَيْرَ مؤمِنينَ، وفي الثانية معنى هذا الفعل، ولكن مقيَّداً بالحال الأولى؛ لأنك لو أزَلْتَها، وقلت:» مَا لَنَا وَنَطْمَعُ «، لم يكنْ كلاماً» . قال شهاب الدين: وفي هذا الكلام نظرٌ، وهو قولُه: «لأنَّكَ لَوْ أزَلْتَه ... إلى آخره» ؛ لأنَّا إذا أزَلْنَاها وأتَيْنَا ب «نَطْمَعُ» ، لم نأتِ بها مقترنةً بحرفِ العطف، بل مجرَّدة منه؛ لنحلَّها محلَّ الأولى؛ ألا ترى أنَّ النحويين إذا وضَعُوا المعطوفَ موضعَ المعطُوف عليه، وضعوه مجرَّداً من حرفِ العطف، ورأيتُ في بعض نسخ الكشَّافِ: «مَا لَنَا نَطْمَعُ» من غير واوٍ مقترنةٍ ب «نَطْمَعُ» ولكن أيضاً لا يَصِحُّ؛ لأنك لو قلت: «مَا لَنَا نَطْمَعُ» كان كلاماً؛ كقوله تعالى:

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ} [المدثر: ٤٩] ، ف «نَطْمَعُ» واقعٌ موقعَ مفردٍ هو حال، كما لو قلت: مَا لَكَ طَامِعاً، وما لَنَا طَامِعِين، وردَّ عليه أبو حيان هذا الوجه بشيئينِ: أحدهما: أن العامل لا يقتضي أكثر من حالٍ واحدة، إذا كان صاحبُه مفرداً دون بدل أو عطف، إلا أفعل التفضيل على الصَّحيح.

والثاني: أنه يلزم دخولُ الواو على مضارعٍ مُثْبَتٍ. وذلك لا يجُوز إلا بتأويل تقدير مبتدأ، أي: ونحْنُ نَطْمَعُ.

الثالث: أنها في محل نصبٍ على الحال من فاعل «نُؤمِنُ» ، فتكون الحالان متداخلَتَيْنِ، قال الزمخشريُّ: «ويجوز أن يكون» ونَطْمعُ «حالاً من» لا نُؤمِنُ «على معنى: أنهم أنْكَرُوا على أنفسهم؛ أنهم لا يوحِّدون الله، ويطمعُون مع ذلك أن يَصْحَبُوا الصالحين» ، وهذا فيه ما تقدَّم من دخول واو الحال على المضارع المثْبَت، وأبو البقاء لمَّا أجاز هذا الوجْهَ، قدَّر مبتدأ قبل «نَطْمَعُ» ، وجعل الجملةَ حالاً من فاعل «نُؤمِنُ» ؛ ليخلصَ من هذا الإشكال؛ فقال: ويجوزُ أن يكون التقديرُ: «ونَحْنُ نَطْمَعُ» ، فتكون الجملةُ حالاً من فاعل «لا نُؤمِنُ» .

الرابع: أنها معطوفةٌ على «لا نُؤمِنُ» ، فتكون في محلِّ نصبٍ على الحال من ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>