للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قرأ الجمهورُ «شَهَادَة بَيْنِكُمْ» برفع «شَهَادةُ» مضافةً ل «بَيْنِكُمْ» ، وقرأ الحسنُ والأعرجُ والشَّعْبِيُّ برفعها منوَّنةً «بَيْنَكُمْ» نصباً، والسُّلَميُّ والحسنُ والأعرجُ - في رواية عنهما -: «شَهَادَةً» منونَّةً منصوبة، «بَيْنَكُمْ» نصباً، فأمَّا قراءة الجمهور، ففي تخريجها خمسةُ أوجه:

أحدها: أنها مرفوعةٌ بالابتداءِ، وخبرُها «اثْنَانِ» ، ولا بدَّ على هذا الوجه من حذفِ مضافٍ: إمَّا من الأوَّل، وإمَّا من الثاني، فتقديرُه من الأول: ذَوَا شَهَادَةِ بَيْنكُمُ اثنانِ، أي صَاحِبَا شهادةِ بينكم اثنانِ، وتقديرُه من الثاني: شهادةُ بينكم شهادةُ اثنين، وإنما اضطررْنا إلى حذفٍ من الأول أو الثاني ليتصادقَ المبتدأ والخبرُ على شيءٍ واحدٍ؛ لأنَّ الشهادة معنًى، والاثنان جُثَّتَانِ، ولا يجيء التقديران المذكورانِ في نحو: «زَيْدٌ عَدْلٌ» وهما جعله نفس المصدرِ مبالغةً أو وقوعُه موقع اسم الفاعل؛ لأنَّ المعنى يَأبَاهُمَا هنا، إلا أنَّ الواحديَّ نقل عن صاحب «النَّظْم» ؛ أنه قال: «شَهَادَة» مصدرٌ وُضِع مَوْضِعَ الأسْمَاء. يريدُ بالشهادة الشهود؛ كما يقال: رَجُلٌ عَدْلٌ ورِضاً، ورجالٌ عَدْلٌ ورِضاً وزَوْر، وإذا قَدَّرْتها بمعنى الشُّهُود، كان على حذف المضاف، ويكون المعنى: عدَّة شهودٍ بينكم اثنانِ، واستشهد بقوله: {الحج أَشْهُرٌ} [البقرة: ١٩٧] ، أي: وقتَ الحجِّ، ولولا ذلك لنصب أشهراً على تأويل: «الحَجُّ في أشْهُرٍ» ، فعلى ظاهر هذا أنه جعل المصدر نفس الشهود مبالغةً، ولذلك مثله ب «رِجَال عَدْل» ، وفيه نظر.

الثاني: أن ترتفع على أنها مبتدأ أيضاً، وخبرها محذوفٌ يَدُلُّ عليه سياقُ الكلام، و «اثْنَان» على هذا مرتفعان بالمصدر الذي هو «شهادة» ، والتقدير: فيما فَرَضَ عليْكُمْ أن يشهد اثْنَانِ، كذا قدَّره الزمخشريُّ وهو أحد قولي الزَّجَّاج، وهو ظاهرٌ جدًّا، و «إذَا» على هذين الوجهين ظرف ل «شَهَادَةُ» ، أي ليُشْهَد وقتُ الموت - أي أسبابه - و «حِينَ الوصيَّةِ» على هذه الأوجه؛ فيه ثلاثة أوجه:

أوجهها: أنه بدلٌ من «إذَا» ، ولم يذكر الزمخشريُّ غيره، قال: «وفي إبداله منه دليلٌ على وجوب الوصية» .

الثاني: أنه منصوبٌ بنَفْسِ الموت، أي: يقع المَوْتُ وقْتَ الوصية، ولا بُدَّ من تأويله بأسباب الموت؛ لأنَّ وقتَ الموتِ الحقيقيِّ لا وصيةَ فيه.

الثالث: أنه منصوبٌ ب «حَضَرَ» ، أي: حَضَر أسباب الموتِ حين الوصيَّة.

الثالث: أنَّ «شَهَادَةُ» مبتدأ، وخبره: «إذَا حضَر» ، أي: وقوعُ الشهادة في وقتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>