للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أي: لا يهدِيِهمْ في ذلك اليَوْمِ إلى حُجَّةٍ، أو إلى طريقِ الجنَّة» .

السابع: أنه مفعولٌ به، وناصبُه «اسْمَعُوا» ، ولا بد من حذف مضاف حينئذٍ، لأنَّ الزمان لا يُسْمَعُ، فقدَّره أبو البقاء: «واسمعوا خَبَرَ يَوْمِ يُجْمَعُ» ، ولم يذكر أبو البقاء غير هذين الوجهَيْن، وبدأ بأولهما، وفي نصبه ب «لا يَهْدِي» نظرٌ؛ من حيث إنه لا يهديهم مطلقاً، لا في ذلك اليوم ولا في الدنيا، أعني المحْكُوم عليهم بالفسْقِ، وفي تقدير الزمخشريِّ «لا يَهْدِيهِمْ إلى طريقِ الجنَّة» نُحُوٌّ إلى مذهبه من أنَّ نَفْي الهداية المطلقة لا يجوزُ على الله تعالى؛ ولذلك خَصَّصَ المُهْدَى إليه، ولم يذكر غيره، والذي سَهَّلَ ذلك عنده أيضاً كونُه في يومٍ لا تَكْلِيفَ فيه، وأما في دار التكليفِ فلا يُجيزُ المعتزليُّ أن يُنْسَبَ إلى الله تعالى نَفْيُ الهدايةِ مطلقاً ألبتة.

الثامن: أنه منصوبٌ ب «اسْمَعُوا» قاله الحُوفِيُّ، وفيه نظرٌ؛ لأنهم ليسوا مكلَّفين بالسَّماعِ في ذلك اليومِ؛ إذ المُرادُ بالسماعِ السماعُ التكليفيُّ.

التاسع: أنه منصوبٌ بإضمارِ فعلٍ متأخِّرٍ، أي: يوم يَجْمَعُ اللَّهُ الرسلَ كان كيتَ وكَيْتَ، قاله الزمخشريُّ.

العاشر: قال شهاب الدين: يجوز أن تكونَ المسألة من باب الإعْمَال؛ فإنَّ كُلاًّ من هذه العوامِلِ الثلاثةِ المتقدِّمة يَصِحُّ تسلُّطُه عليه؛ بدليل أنَّ العلماء جَوَّزوا فيه ذلك، وتكون المسألةُ مِمَّا تنازع فيها ثلاثةُ عوامل، وهي «اتَّقُوا» ، و «اسْمَعُوا» ، و «لا يَهْدِي» ، ويكونُ من إعمال الأخير؛ لأنه قد حُذِفَ من الأوَّلِينَ ولا مانعَ يمنع من الصناعة، وأمَّا المعنى فقد قَدَّمْتُ أنه لا يظهرُ نصْبُ «يَوْمَ» بشيء [من الثلاثة] ؛ لأنَّ المعنى يأباه، وإنما أجَزْتُ ذلك؛ جَرْياً على ما قالوه وجَوَّزوه، وكذا الحُوفِيُّ جَوَّز أن ينتصب ب «اتَّقُوا» وب «اسْمَعُوا» أو ب «لَا يَهْدِي» ، وكذا الحُوفِيُّ جَوَّز أن ينتصب ب «اتَّقُوا» وب «اسْمَعُوا» .

الحادي عشر: أنه منصوبٌ ب «قَالُوا: لا عِلْمَ لَنَا» أي: قال الرسُلُ يوم جمْعِهِمْ، وقول الله لهم ماذ أجِبْتُمْ، واختاره أبو حيان على جميع ما تقدَّم، قال: وهو نظيرُ ما قلناه في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ} [البقرة: ٣٠] ، وهو وجه حسنٌ.

قوله: «مَاذَا أجِبْتُمْ» فيه أربعةُ أقوال:

أحدها: أنَّ «مَاذَا» بمنزلةِ اسمٍ واحدٍ، فغلب فيه جانبُ الاستفهام، ومحلُّه النصبُ على المصدرِ بما بعده، والتقديرُ: أيَّ إجابةٍ أجِبْتُم [قال الزمخشريُّ: «مَاذَا أجِبْتُمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>