وأمَّا الحمْدُ فلا يحصلُ إلَاّ للفعال المُخْتَارِ على ما يَصْدُرُ عنه من الإنعام، وإنَّما كونُ الحَمْدِ أعم من الشُّكْر؛ فلأنَّ الحّمْد عبارة عن تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام، سواء كان ذلك الإنعام واصلاً إليك أو إلى غيرك.
وأمَّا الشُّكْرُ فهو عِبَارةٌ عن تعظيمه لأجل إنعام وصل إليكَ، وإذا عُرِفَ ذلك، فإنَّمَا لَمْ يَقُلْ: المَدْحُ لله تبارك وتعالى لأنَّا بَيَّنَّا أنَّ المَدحَ كما يَحَصُلُ للفاعل المختار، فقد يَحْصُلُ لغيره.
وأمَّا الحَمْدُ فلا يَحْصُلُ إلا للفاعل المختار، وإنَّما لم يَقُلْ:«الشُّكر لِلَّهِ» لَمَا بَيَّنَّا أنَّ الشُّكْرَ عبارة عن تعظيم تسبب إنعام صدر منه، فيكون المطلوب الأصلي، وقبول النعمة إليه، وهذه دَرَجَةٌ حقيرةٌ.
وقوله:«الحَمْدُ لِلَّهِ» يَدُلُّ على أنَّ العَبْدَ حَمَدَهُ لأجل كونه مستحقاً للحمدِ، لا لخصوص كونه - تعالى - أوْصَلَ النَّعْمَةَ إليه فَيَكُونُ الإخلاصُ.
فصل في بيان لفظ الحمد
قوله:«الحَمْدُ» لفظٌ محلَّى بالألف واللام، فيفيد أنَّ هذه الماهية للَّهِ، وذلك يَمْنَعُ من ثبوت الحَمْدِ لغير الله، وهذا يقتضي أنَّ جميع أقْسَام الحَمْدِ والثناء والتعظيم ليس إلَاّ للَّهِ تبارك وتعالى، فإن قيل: إنَّ شُكْرَ المُنْعِمِ واحب مِثلَ شُكْرِ الأسْتَاذِ على