للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:» الَّذي يُقَال له: اللَّهُ «راجع إلى كونه مُرْتجلاً، وكأنه - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَشْعَرَ بالاعتراض المذكور.

والاعْتِراضُ مَنْقُولٌ عن الفَارسيَّ.

قال:» وإذا جَعَلْتَ الظَّرْفَ متعلّقاً بام اللِّهِ جَازَ عندي على قياس مَنْ يقول: إنَّ الله أصْلُه «الإله» ومن ذَهَبَ بهذا الاسم مذهب الأعلام وجب ألَاّ يتعلٌّق به «عنده» إلَاّ أنْ تُقدِّر فيه ضَرْباً من معنى الفِعْلِ «، نقل عن أبي عليّ أنه لا يتعلَّقُ» في «باسم اللَّهِ؛ لأنَّه صار بدخول الألف واللام، والتغيير الذي دخله كالعلم، ولهذا قال تعالى:

{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا} [مريم: ٦٥] فظاهرُ هذا النقل أنه بمنعُ التعلُّق به وإنْ كاني في الأصْل مُشْتَقاً.

وقال الزَّجَّاج: «وهو مُتَعَلِّقٌ بما تَضَمَّنَهث اسْمُ من المَعاَاني، كقولك: أميرٌ المؤمنين الخَلِيفَة في المَشْرِق والمغْرِبِ» .

قال ابن عطيّة: «هذا عندي أفْضَلُ الأقوالِ، وأكثرها إحْرَازاً لفَصَاحَةِ اللَّفْظِ، وجَزَالَةِ المعنى.

وإيضاحُهُ أنَّهُ أراد أنْ يَدُلَّ على خَلْقِهِ وآثَارِ قُدْرتِهِ وإحاطتِهِ واستيلائه، ونحو الصفات، فجمع هذه كُلَّها في قوله:» وَهُوَ اللَّهُ «؛ أي: الذي له هذه كُلُّها في السَّموات، وفي الأرضِ كأنه قال: وهو الخالق، والرازق، والمحيي، والمحيط في السموات وفي الأرض كما تقول: زيد السُّلطانُ في» الشام «و» العراق «فلو قصدت ذات زَيْدٍ لكان مُحَالاً، فإذا كان مَقْصِدُ قولك [: زيد] الآمر النّاهي الذي يُوَلِّي ويَعْزلُ كان فَصِيحاً صَحِيحاً، فأقمت السَّلطَنَةَ مَقَامَ هذه الصِّفَاتِ، كذلك في الآية الكريمة أقَمْتَ» الله «مقام تلك الصِّفات» .

قال أبو حيَّان: ما ذكره الزَّجَّاجُ، وأوضحه ابن عطيَّةَ صحيحٌ من حيث المعنى، لكنَّ صَنَاعَةَ النحو لا تُسَاعِدُ عليه؛ لأنهما زَعَمَا أن «في السموات» متعلِّقٌ باسم الله؛ لما تَضَمَّنَهُ من تلك المعاني، ولو صَرَحَّ بتلك المعاني لم تَعْمَلْ فيه جَمِيعُهَا، بل العَمَلُ من حيث اللفظُ لواحد منها، وإن كان «في السموات» متعلّقاً بجميعها من حيث المعنى، بل الأولى أن يتعلَّق بلفظ «الله» لما تَضَمَّنَهُ من معنى الألُوهِيَّة، وإن كان عَلَماً؛ لأن العَلَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>