يَعْمَلُ في الظَّرْفِ لما يتضمنه من المعنى كقوله: [الزجر]
٢١٠٧ - ... أنَا أبُو المِنْهَالِ بَعْضَ الأحْيَانْ
لأنَّ «بَعْضَ» نُصَبَ بالعَلَمِ؛ لأنَّه في معنى أنا المشهور.
عَمَلُهَا على سبيل التَّنَازُع، مع أنه لو سَكَتَ عن الجواب واضحاً. ولما ذكر أبو حيَّان ما قاله الزَّمخْشَريُّ قال: «فانظر كيف قدّرَ العامِلَ فيها واحِداً لا جميعها» .
يعني: أنَّهُ اسْتنْصَرَ به فيما ردَّ على الزَّجَّاج، وابن عطية.
الوجه الثاني: أن «في السَّمَوَات» متعّلق بمحذوفِ هو صِفَةٌ لله تعالى حُذِفت لفهم المَعْنَة، فقدَّرها بعضهم: وهو الله المعبود، وبعضهم: وهو اللَّهُ المُدَبِّرُ، وحذفُ الصِّفة قليلٌ جداً لم يَرِدْ منه إلَاّ مواضع يسيره على نَظَرٍ فيها، فمنها {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} [الأنعام: ٦٦] أي: المعاندون، {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: ٤٦] أي: النَّاجين، فلا ينبغي أن يُحْمَلَ هذا عليه.
الوجه الثالث: قال النَّحَّاس - وهو أحْسَنُ ما قيل فيه -: إنَّ الكلام تَمَّ عند قوله: «وَهُوَ اللِّهُ» والمَجْرُور متعلِّقٌ بمفعول «يَعْلَمُ» ، وهو «سِرَّكم وجَهْرَكُم» أي: يَعْلَمُ سِرَّكُم، وجَهْرَكُم فيهما.
وهذا ضعيفٌ جداً لما فيه من تَقْدِيمِ مَعْمُولِ المصجر عليه، وقد عرف ما فيه.
الوجه الرابع: أنَّ الكلامَ تَمَّ أيضاً عند الجلالةِ، وتعلِّق الظرفُ بنفس «يَعْلَمُ» وهذا ظاهِرٌ، و «يَعْلَمُ» على هذين الوَجْهَيْنِ مُسْتَأنَفٌ.
الوجه الخامس: أنَّ الكلامَ تَمَّ عند قوله: «في السموات» فيتعلَّق «في السموات» باسم الله على ما تقدَّمَ، ويتعلَّقُ «في الأرض» ب «يعلم» وهو قول الطَّبري.
وقال أبو البقاء: «وهو ضعيفٌ؛ لأنِّ اللَّهَ - تعالى - مَعْبودٌ في السَّمَوات وفي الأرض، ويَعْلمُ ما في السَّموات، وما في الأرض، فلا تتخصَّصُ إحْدى الصِّفَتَيْنِ بأحَدِ الظرفين» . وهخو رَدٌ جميلٌ.
الوجه السادس: أنَّ «في السموات» متعلِّقٌ محذوفٍ على أنَّهُ حالٌ من «سِرَّكم» ، ثُمَّ قُدِّمَتِ الحالُ على صَاحبهَا، وعلى عاملها.