للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أي: نَأى عَنَّي.

وحكى اللَّيْثُ: «نَأيْثُ الشيء» ، أي: أبْعَدْتُهُ، وأنشد: [الطويل]

٢١٣٢ - إذَا مَا الْتَقَينا سَالض مِنْ عَبَرَاتِنَا ... شَآبيبُ يُنْأى سِيْلُهَا بالأصَابِع

فَبَنَاهُ للمفعول، أي: يُنَحِّى ويُبْعَدُ.

والحاصلُ أنَّ هذه المادة تَدُلُّ على البُعْدِ، ومنه أتَنَأى أي: أفْعَلُ النَّأيَ. والمَنْأى: الموضع البعيدُ.

قال النابغة: [الطويل]

٢١٣٣ - فَإنَّكَ كالمَوْتِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي ... وَإنْ خِلْتُ أنَّ المُنْتَأى عَنْكَ وَاسِعُ

و «تَنَاءَى» أي: تباعد، ومنه النُّؤيُ للحُفَيْرَةِ التي حول الخِبَاءِ لتبعد عنه الماء.

وقُرِئ: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [فصلت: ٥١] وهو مَقْلُوبٌ من «نأى» ، ويَدُلُّ على ذلك أنَّ الأصل هو المَصْدَرُ وهو «النَّأيُ» بتقديم الهمزة على حرق العِلِّة.

فصل في المراد بالآية وسبب نزولها

معنى الآية الكريمة أنهم يَنْهَوْنَ النَّاسَ عن اتِّبَع مُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويَنْأوْنَ عنه، أي: يبتاعدون عنه بأنفسهم نزلت هذه الآية في كُفَّار «مكة» المشرفة، قال محمد بن الحَنَفِيَّةِ والسُّدي والضَّحاك، وقال قتادةُ: يَنْهَوْنَ عن القرآن، وعن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويتباعدون عنه.

واعلم أنَّ النهي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُحَلٌ فلا بد أن يكون النهي عن فعل يتعلَّقُ به، فذكروا فيه قولين:

الأول: ينهون عن تَدَبُّرِ القُرْآنِ واستمامعه، وعن التَّصديقِ بنبوة مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والإقرار برسالته.

الثاني: قال ابن عبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ومقاتل: نزلت في أبي طالب كان ينهى النَّاس عن أذَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويمعنهم ويَنْأى عن الإيمان به أي: يَبْعَدُ، حتى روي أنه اجتمع

<<  <  ج: ص:  >  >>