لَعَلَّ» ، عن الترجي، ولا «كأنَّ» عن التشبيه، ولا «ليت» عن التمني.
وقال ابن مالك: «قد» ك «رُبَّمَا» في التقليل والصَّرفِ إلى معنى المضيّ، وتكون في حينئذٍ للتَّحقيق والتوكيد، نحو {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ} [الأنعام: ٣٣] {وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ الله} [الصف: ٥] .
وقوله: [الطويل]
٢١٥١ - وَقَدْ تُدْرَكُ الإنْسَانَ رَحْمَةُ رَبِّهِ ... وَلَوْ كَاننَ تَحْتَ الأرْضِ سِبْعينَ وَادِيَا
وقد تخلو من التَّقليل، وهي صَارِفَةٌ لمعنى المُضِيَّ، نحو قوله: {قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} [البقرة: ١٤٤] .
وقال مكي: و «قد» هنا وشبهه تأتي لتأكيد الشيء، وإيجابه، وتصديقه، و «نَعْلَمُ» بمعنى عَلِمْنَا.
وقد تقدم الكملام في هذه الحروف وأنها مُتَردِّدَةٌ بين الحَرْفيَّةِ والاسميَّةِ.
وقال أبو حيَّان: هُنَا «قَدْ» حرف تَوَقُّع إذا دخلت على مُسْتَقْبَلِ الزمان كان التوقُّعُ من المتكلّم؛ كقولك: قد ينزل المَطَرُ شَهْر كذا، وإذا كان مَاضِياً وفَعْلَ حَالٍ بَمَعْنَى المضيّ كان التوقع عند السَّامِعِ.
وأمَّا المتكلِّم فهو مُوجب ما أخبر به، وعبَّر هنا بالمُضَارع إذ المُرادُ الاتِّصَافُ بالعِلْمِ واسْتِمْرَرُهُ، ولم يُلْحَظْ فيه الزمانُ كقولهم: «هو يُعْطِي ويَمْنَعُ» .
«ليحزنك» سَادٌ مَسَدّ المفعولين، فإنها معلَّقَةٌ عن العمَل، وكُسِرَتْ لدخول «اللام» في حَيِّزهَا، وتقدَّم الكلامُ في «ليحزنك» ، وأنه قُرِئَ بفتح الياءِ وضَمِّهَا من «حَزَنَهُ» و «أحْزَنَهُ» في آل عمران.
و «الَّذي يَقُولُون» فاعِلٌ، وعائدُهُ محذوفٌ، أي: الذي يَقُولونَهُ من نِسْبَتِهمْ له إلى ما لا يَليقُ به، والضَّميرُ في «إنه» ضمير الشَّأن والحديث والجُمْلَةُ بعدهُ خَبَرُهُ مُفَسِّرةٌ له، ولا يجوزُ في هذا المُضَارع أن يقدر باسم فاعلٍ لفاعلٍ كما يُقَدَّر في قولك: «إن زيداً يقوم أبوه» لئلَاّ يلزمُ تفسيرُ ضمير الشأن بمفردٍ.
وقد تقدَّمَ أنه مَمْنوعٌ عند البصرييّنَ.
فصل في سبب نزول الآية
قال السُّدِّيِّ: التقى الأخْنَسُ بن شريق، وأبو جَهَل بن هشامٍ، فسأله الأخنس أبَا