جَهْلِ فقال: يا أبا الحكم، أخبرني عن مُحَمَّدٍ أصادق هو أم كاذب، فإنه ليس ها هنا أحَدٌ يسمعُ كلامك غيري؟ .
فقال أبو جَهْلِ: والله إن محمَّداً لَصَادِقٌ، وما كذَب قَطّ، ولكن إذا ذَهّبَتْ بَنُو قُصَيَّ باللّوَاء والسٍّقاية والحِجَابَةِ والندْوةِ، والنُّبُوَّة، فماذا يكون لِسَائِرِ قريشٍ، فأنزر اللَّهُ هذه الآية.
وقال ناحيةُ بن كَعْبَ: قال أبو جَهْلِ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ما نَتَّهِمُكَ ولا نُكذِّبُكَ، ولكنَّا نُكَذِّبُ الذي جئت به، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية.
وقيل: إنَّ الحارث بن عامر من قريشٍ قال: يا مُحَمَّدُ، والله إن اتَّبَعْنَالكَ نُتَخَطَّفُ من أرْضِنَا، فنحنُ لا نُؤمِنُ بك لهذا السَّببِ. واعلم أن فِرَقِ الكفار كانوا كثيرين، فمنهم من ينكر نُبُوَّتَهُ؛ لأنه ينكر أن يكون الرسولُ من البَشَرِ، وقد تقدَّمَ شُبْهَتُهُمْ، وأجابَ اللَّهُ عنها.
ومنهم من ينكر البَعْثَ، ويقول: إن محمَّداً يخبر بالحَشْرِ والنَّشْرِ بعد الموت، وذلك مُحَالٌ، فيطعن في رسالة محمَّدٍ من هذا الوَجْهِ، وقد ذكر الله شبههُمْ في هذه السُّورَةِ، وأجاب عَنْهَا.
ومنهم من كان يُشَافِهُهُ بالسَّفَاهَةِ وهُوَ المذكورُ في هذه الآية.
واختلفوا في ذلك المُخْزِنِ.
فقيل: كانوا يَقُولوُنَ: ساحرٌ، وشاعرٌ، كاهن، ومجنون وهو قول الحسن.