للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في رد شبه الجبائي في تفضيل الملائكة

قال الجُبَّائي: دَلَّتِ الآية على أنَّ الملكَ أفْضَلُ من الأنبياء؛ لأن [معنى الكلام] لا أدَّعي مَنْزِلَةً أقْوَى من مَنْزِلَتِي، ولولا أن المَلك أفضل، وإلَاّ لم يصح.

قال القاضي: إن كان الغرض بها نفي طريقة التَّواضُعِ، فالأقرب يَدُلُّ على أن الملكَ أفْضَلُ، وإن كان المراد نَفْيَ قدرته عن أفعالٍ لا يقوى عليها إلَاّ الملائكة لم يَدُلَّ على كونه أفْضَلَ.

قوله: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ مَا يوحى إِلَيَّ} .

يَدُلُّ على أنه لا يعمل إلَاّ بالوَحْي، وأنه لم يكن يحكم من تِلْقَاء نفسه في شيء من الأحكام، وأنَّهُ ما كان يجتهد، ويؤكد ذلك قوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يوحى} [النجم: ٣، ٤] .

واسْتَدَلَّ نُفَاةُ القياس بهذا النصّ، قالوا: لأنَّهُ عَلَيْه الصَّلاةُ والسَّلامُ ما كان يَعْمَلُ إلا بالوَحْي النَّازِلِ، فوحبَ ألَاّ يحوز لأحدٍ من أمَّتِهِ أن يعمل إلَاّ بالوَحْيِ النَّازل، ولقوله تعالى: {واتبعوه} [الأعراف: ١٥٨] وذلك ينفي جواز العمل بالقياسِ.

ثم أكَّدَ ذلك بقوله: {هَلْ يَسْتَوِي الأعمى والبصير} ، وذلك لأن العمل بغير الوَحْي يجري مجرى عَمَل الأعمى، والعملُ بمقتضى نزول الوَحْي يجري مجرى عملِ البصيرِ، ثم قال تعالى: {أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} .

والمراج منه التنبيه على أنه يجب على العَاقِلِ أن يعرف الفَرْقَ بين هذيْنش البَابَيْنِ، وألَاّ يكون غَافِلاً عن معرفة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>