المُنَاسِبَة، كقوله تعالى:{ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن: ٢٧] والجوابُ: أن قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] يقتضي الوحْدَانيَّة التَّامَّة، وذلك يُنَافِي التركيب من الأعضاء والأجزاء، فثبت أنَّهُ لا بُدَّ من التَّأويل، وهو من وجهين:
أحدهما: قوله: {يُريدُون وَجْهَهُ} ، أي: يريدونه إلَاّ أنهم يذكرون [لفظ الوجه للتعظيم كما يقال: هذا وجه الرأي، وهذا وجه الدليل الثاني:] أنَّ من أحَبَّ ذاتاً أحب أن يرى وَجْهَهُ، فرؤة الوَجْه من لوازم المحبَّةِ، فلهذا السَّبَبِ جعل الوجه كِنَايةً عن المَحَبَّةِ، وطلب الرضى.
والثاني: أن المراد بالوجه القَصْدُ والنِّيَّةُ؛ كقول الشاعر:[البسيط]
وقد تقدَّم بيانُهُ عند قوله:{وَللَّهِ المشرق والمغرب}[البقرة: ١١٥]
قوله:{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْء}
«ماط هذه يجوز أن تكون الحِجَازيَّةَ النَّاصبة للخبر، فيكون» عليك «في مَحَلِّ النصب على أنه خبرها، عند مَنْ يُجَوِّز إعْمَالَهَا في الخبر المُقدَّمِ إذا كان ظَرْفاً أو حرف جَرِّ، وأمَّا إذا كانت تَمِيميَّةً، أو متعيَّناً إهمالُهَا في الخبر المقدِّمِ مُطْلَقاً كان» عليك «في مَحَلِّ رفع خبراً مُقدَّماً، والمبتدأ هو» مِنْ شَيءٍ «زيدت فيه» مِنْ «.
وقوله: «مِنْ حِسَابِهِمْ» قالوا: «مِنْ» تَبْعِيضيَّةٌ، وهي في محل نَصْبٍ على الحال، وصاحبُ الحالِ هُو «مِنْ شيء» ؛ لأنها لو تأخرت عنه لكانت صِفَةً له، وصفة النكرة متى قُدِّمَتْ انْتَصَبَتْ على الحالِ، فعلى هذا تتعلَّقُ بمحذوف، والعاملُ في الحال الاسْتِقْرَارُ في «عليك» ، ويجوز أن يكون «مِنْ شَيْءٍ» في مَحَلِّ رفع بالفاعلية، ورافعه «عليك» لاعتماده على النفي، و «مِن حِسَابِهِمْ» حالٌ أيضاً من «شيء» العاملُ فيها الاستقرار والتقديرُ: ما اسْتَقَرَّ عليك شَيءٌ من حسابهم.
وأُجيز أن يكون «مِنْ حِسَابِهِمْ» هو الخَبَر: إمَّا ل «ما» ، وإمَّا للمبتدأ، و «عليك» حالٌ من «شيء» ، والعَامِلُ فيها الاسْتِقَرارُ، وعلى هذا فيجوز أن يكون «من حِسَابِهِمْ» هو الرفاع للفاعل على ذاك الوَجْهِ، و «عليك حالٌ أيضاً كما تقدَّمَ تقريره، وكون» مِنْ