حِسَابِهِمْ «هو الخبر، و» عليكط هو الحَلُ غير واضح؛ لأن مَحَطَّ الفائدة إنما هو «عَليْكَ» .
قوله:{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْء} كالذي قبله، إلَاّ أنَّ هنا يَمْتَنَعُ بَعْضُ ما كان جَائِزاً هناك، وذلك أن قوله:«مِنْ حِسَابِكَ» لا يجوز أن يَنْتَصِبَ على الحال؛ لأنه يلزم تَقّدُّمُهُ على عامله المعنوي، وهو ممتنعٌ، أو ضعيف لا سيَّمَا وقدْ تقدَّمتْ هنا على العامل فيها، وعلى صاحبها، وقد تقدَّم أنَّ الحالَ إذا كانت ظَرْفاً أو حرف جرِّ كان تقديمها على العامل [المعنوي] أحْسَنُ منه إذا لم يكن كذلك، فحينئذٍ لك أن تجعل قوله:«من حِسابِكَ» بياناً وقد تقدَّم خطابه - عليهالصَّلاة والسلام - في الجملتين تَشْريفاً له، ولو جاءت الجملة الثَّانية على نَمَطِ الأولى لكان التركيب «وما عليهم من حِسَابِكَ من شيء» فتقدَّمَ المجرور ب «على» كما قدَّمه في الأولَى، لكنه عَدَلَ عن ذلك لما تقدَّمَ.
وفي هاتين الجمتلين ما يسميه أهل البَديعِ: رَدَّ الأعْجَاز على الصدور، كقولهم:«عَادَات السَّادَات سادات العادات» ومثله في المعنى قول الشاعر: [الطويل]
وقال الزمخشري - بعد كلام قدَّمَهُ في معنى التفسير -: فإن قلت: أما كفى قوله: «ما عليك من حسابِهِمْ من شيء» حتى ضَمَّ إليه: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْء} ؟
قلت: قد جعلت الجملتان بمنزلةِ جُمْلةٍ واحدةٍ، وقصد بها مُؤدَّى واحد، وهو المعنى بقوله:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى}[الأنعام: ١٤٦] .
ولا يستقل بهذا المعنى إلَاّ الجملتان جميعاً، كأنه قيل:«لاتُؤاخَدُ أنت ولا هُمْ بحسابِ صاحبه» قال أبو حيَّانك «لا تُؤاخَذُ أنْتَ ... ... . إلى آخره تركيبٌ غير عربي، لا يجوز عَوْدُ الضير هنا غائباً ولا مُخَاطباً، لأنه إنْ [عاد] عائباً فلم يتقدَّم له اسْمٌ مفرد