٢٠٤٤ - أُرِيدُ لأنْسَى حُبَّهَا فَكَأنَّمَا ... تَمثَّلُ لِي لَيْلَى بِكُلِّ طَرِيقِ
وهذا ليس مذهب سبيويه، إنما مذهبه ما تقدَّم تحقيقه في «سورة النساء» .
قوله «وأنْ أقِيمُوا» فيه أقوال:
أحدها: أنها في مَحَلِّ نصب بالقول نَسَقاً على قوله: «إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى» أي: قل هذين الشيئين.
والثاني: أنه نَسَقٌ على «لنسلم» أي: وأمرنا بكذا للإسلام، ولنقيم الصلاة، و «أن» تُوصل بالأمر كقولهم: كتب إليه بأن قم، حكاه سبيويه وهذا رَأيُ الزَّجَّاج.
والثالث: أنه نَسَقٌ على «ائْتِنَا» قال مكي: لأن معناه: «أن ائتنا» ، وهو غير ظاهر.
والرابع: أنه مَعْطُوفٌ على مفعول الأمر المقدر، والتقدير: وأمرنا بالإيمان، وبإقامة الصلاة قاله ابن عطية.
قال أبو حيَّان: وهذا لا بأس به، إذ لا بُدَّ من تقدير المفعول الثاني ل «أمرنا» ويجوز حذف المعطوف عليه لِفَهْمِ المعنى؛ تقول: أضَرَبْتَ زيداً؟ فيجب نعم وعمراً؛ والتقدير: ضربته وعمراً.
وقد أجاز الفراء: «جاءني الذي وزيد قائمان» ، التقدير: الذي هو وزيد قائمان، فحذف «هو» لدلالة المعنى عليه، وهذا الذي قاله أنه لا بأس به ليس من أصول البصريين.
و «أما نعم وعمراً» فلا دلالة فيه؛ لأن «نعم» قامت مقام الجملة المحذوفة.
وقال مكي قريباً من هذا القول، إلَاّ أنه لم يُصَرِّحْ بحذف المعطوف عليه، فإنه قال: و «أن» في موضع نَصْب بحذف الجارِّ، تقديره: وبأنْ أقيموا، فقوله: وبأن أقيموا هو معنى قول ابن عطية، إلَاّ أن ذلك [أوضحه] بحذف المعطوف عليه.
وقال الزمخشري: فإن قلت: علام عطف قوله: «وأن أقيموا» ؟ قلت: على موضع «لنسلم» كأنه قيل: وأمرنا أن نسملم، وأن أقيموا.
قال أبو حيَّان: وظاهر هذا التقدير أن «لنسلم» في موضع المفعُولِ الثاني ل «أمرنا» وعطف عليه: «وأن أقيموا» فكتون اللام على هذا زَائِدَةً، وكان قد تقدَّم قبل هذا أن «اللام» تعليل للأمر، فتناقض كلامه؛ لأن ما يكون عِلَّةً يستحيل أن يكون معفولاً،