للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التحريم: ١٢] وقال {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون: ١٤] ، وأما نفخ الصور بمعنى النَّفخ في القَرْنِ، فإنه تعالى يضيفه لا إلى نفسه كا قال تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور} [المدثر: ٨] وقال: {وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلَاّ مَن شَآءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُون} [الزمر: ٦٨] .

وقال الفراء: «يُقَال: نفخ في الصور، ونفخ الصور» ، وأنشد: [البسيط]

٢٢٠٦ - لَوْلَا ابْنُ جَعْدَةَ لَمْ يُفْتَحْ قُهَنْدُزُكُمْ ... ولا خُرَاسَانُ حَتَّى يُنْفَخَ الصُّورُ

قوله: «عَالِمُ الغيْبِ» في رفعه أربعة أوجه:

أحدها: أن يكون صِفةً ل «الذي» في قوله: «وهو الذي خلق» ، وفيه بُعْدٌ لطُولِ الفَصْلِ بأجنبي.

الثاني: أنه خبر مضمر أي: هو عالم.

الثالث: أنه فاعل لقوله: «يقول» أي: يوم يقول عالم الغيب.

والرابع: أنه فاعل بفعل محذوف يَدُلُّ عليه الفعل المبني للمفعول؛ لأنه لما قال: «ينفخ في الصور» سأل سَائِلٌ فقال: من الذي يَنْفُخُ فيه؟ فقيل: «عَلِمُ الغَيْبِ» ، أي: ينفخ فيه عالم الغيب، أي: يأمر بالنَّفْخِ فيه لقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ} [النور: ٣٦، ٣٧] أي: تُسَبِّحُهُ.

ومثله أيضاً قول الآخر: [الطويل]

٢٢٠٧ - لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ ... وَمُخْتبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ

أي: مَنْ يبكيه؟ فقيل: ضارع، أي: بيكيه ضارع لخصومة.

ومثله: {وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المشركين قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} [الأنعام: ١٣٧] في قراءة من يبني «زُيِّنَ» للمفعول ورفع «قَتْلُ» ، و «شركاؤهم» كأنه قيل: من زَيَّنَهُ لهم؟ فقيل: زَيَّنَهُ شُركَاؤهُمْ، والرفع على ما تقدم قراءة الجمهور.

وقرأ الحسن البصري والأعمش: «عالم» بالجر وفيها ثلاثة أوجه:

أحسنها: أنه بدل من الهاء في «له» .

[الثاني: أنه بدل من «رب العالمين» ، وفيه بُعْدٌ لطول الفصل بين البدل والمبدل منه] .

<<  <  ج: ص:  >  >>