أي: فَسَتَحْتَلِبُونَهَا، لا يقال: إن النون قد حذفت جَزْماً في جواب الشرط؛ لأن الفاء هنا واجبة الدخول لعدم صلاحية الجملة الجزائية شرطاًن وإذا تقرر وجوب الفاءن وإنما حذفت ضَرُورةً ثبت أن نون الرفع كان من حقها الثبوت، إلا أنها حذفت ضرورة، وأنشدوا أيضاً قوله:[الرجز]
وفي الحديث:«والَّذِي نَفْسِي بَيدهِ لا تَدْخُلُوا الجَنَّة حَتَّى تُؤمِنُوا ولا تُمِنُوا ولا تُؤمنُوا حتَّى تَحَابُّوا» ف «لا» الدّاخلة على «تدخلوا» و «تؤمنوا» نافية لا ناهية لفساد المعنى عليه، وإذا ثبت حَذْفُهَا دون مُلاقاة مِثْلٍ رفعاً فلأن تحذف مع ملاقاة مِثلٍ في فَصيح الكلام؛ كقراءة أبي عمرو {يَنصُرْكُم}[آل عمران: ١٦٠] و {يُشْعِرُكُمْ}[الأنعام: ١٠٩]{يَأْمُرُكُمْ}[البقرة: ٦٧] وبابه بسكون آخر الفعل، وقوله الشاعر:[السريع]
وإذا ثبت حذف الأصْلِ، فليثبت حذف الفَرْعِ لئلا يلزم تَفْضِيلُ فَرْعِس على أصله، وأيضاً فإنَّ ادِّعاءَ حذف نوع الرفع لا يُحْوِجُ غلى حَذْفٍ آخرن وحذف نون الوقاية قد يُحْوِجُ إلى ذلكن وبيانه بأنه إذا دَخَلَ نَاصِبٌ أو جازم على أحد هذه الأمثلة، فلو كان المحذوف نُونَ الوقاية لكان ينبغي أن تُحْذَفَ هذه النون، وهي تسقط للناصب والجازم، بخلاف ادِّعاءِ حذف نون الرفع، فإنه لا يحوج إلى ذلك؛ لأنه لا عمل له في الَّتِي للوقاية.
ولقائل أن يقول: لا يلزم من جوازِ حذفت الأصل حَذْفُ الفرع؛ لأن في الأصل قوة تقتضي جوازَ حذفه، بخلاف نون الوقاية، ودخول الجازم والناصب لم نجد له شيئاً يحذفه؛ لأن النون حذفت لعارِضٍ آخر.
واستدلُّوا لسيبويه بأن نون الوقاية مَكْسُورةٌ، فبقاؤها على حالها لا يلزم منه تغيير، بخلاف ما لو ادَّعَيْنَا حذفها، فإنَّا يلزمنا تغيير نون الرفع من فتح إلى كسر، وتعليل العمل أوْلى، واستدلوا أيضاً بأنها قد حذفت مع مثلها، وإن لم تكن نون وقاية؛ كقوله:[البسيط]