أي: وتَقْلُونَنَا، فاملحذوف نون الرفع لا نون «ن» ؛ لأنها ضميرن وعورض هذا بأن نون الرفع ايضاً لها قوة لدلالتها على الإعرابن فحذفها أيضاً لا يجوز، وجعل سيبويه المحذوفة من قول الشاعر:[الوافر]
نون الفاعنل لا نون الوقاية، واستدلَّ الأخفش بأن الثقل إنما حصل بالثانية؛ ولأنه قد استْتُغْنِيَ عنها، فإنه إنما أتى بها لِتَقِيَ الفعل من الكسر، وهو مَأمُونٌ لوقوع الكسْرِ على نون الرفع، ولأنها لا تَدُلُّ على معنى، بخلاف نون الرفع، وأيضاً فإنها تُحْذَفُ في نحو ليتنين فيقال: ليتي؛ كقوله:[الوافر]
واعلم أن حَذْفَ النون في هذا النحو جائز فصيح، ولا يلتفت إلى قَوْلِ مَنْ مَنَعَ من ذلك إلَاّ في ضرورة أو قليل من الكلام، ولهذا عيبَ على مكي بن ابي طالب حيث قال:«الحذف بِعِيدٌ في العربية فبيح مكروه، وإنما يجوز في الشعر لِلْوزْنِ، والقرآن لا يحتمل ذلك فيهح إذ لا ضرورة تدعو إليه» .
وتَجَاسَرَ القولان مَرْدُودَانِ عليهما؛ لتواتر ذلك، وقد تقدم الدليل على صِحَّته لغة.
وأيضاً فإن الثِّقات بت «أتُحَاجُّونِّي» لا ب «حَاجَّهُ» ، والمسألة من باب التَّنَازُعِ، وأعْمِلَ الثاني؛ لأنه لمَّا أضمر في الأول حذف، ولو أعمل الأول لأضمر في الثاني من غير حَذْفِ، ومثله:{يَستَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة}[النساء: ١٧٦] كذا قال أبو حيَّان، وفيه نظر من حيث إن المعنى ليس على تَسَلُّطِ «وَحَاجَّهُ» على قوله: «في اللَّه» ؛ إذ الظاهر انْقِطَاعُ الجملة القولية عما قبلها.