أي: يَدْرُسُ الدَّرْسَ، ولا يجوز أن يتكون «الهاء» ضمير القرآن؛ لأن الفعل قد تعدَّى له، وإنما زيدت «اللام» تَقْوِيَةً له، حيث تقدَّم معموله، وكذلك جعل النُّحَاةُ نَصْب «زيداً» من «زيداً ضَرَبْتُهُ» بفعل مُقدَّرٍ، خلافاً للفراء.
قال ابن الأنْبَارِيّ:«إنها ضمير المصدر المؤكد النائب عن الفعل، وإن الأصل: اقتد اقتد، ثم جعل المَصْدَرُ بَدَلاً من الفعل الثاني، ثم أضْمِرَ فاتَّصَلَ بالأول» .
وأما قراءة ابن عامر فالظَّاهِرُ فيها أنها ضمير، وحُرِّكَتْ بالكَسْرِ من غير وَصْلٍ وهو الذي يسميه القُرَّاء الاخْتِلَاس تَارَةً، وبالصلة وهو المُسَمَّى إشْبَاعاً أخرى كمنا قرئ:{أَرْجِهْ}[الأعراف: ١١١] ونحوه.
وإذا تقرَّرَ هذا فقول ابن مُجَاهِدٍ عن ابن عامر «يُشِمُّ» الهاء من غير بُلُوغِ ياء «وهذا غلط؛ لأن هذه» الهاء «هاء وَقْفٍ لا تعرب في حالٍ من الأحوال، أي: لا تحرك وإنما تدخل ليتبيَّنَ بها حركةُ ما قبلها ليس بِجَيِّدٍ لما تقرر من أنها ضَمِيرُ المَصْدَرِ، وقد رَدَّ الفَارِسيُّ قول ابن مجاهد بما تقدم.
والوجه الثاني: أنها هاء سَكْتٍ أجْرِيَتْ مُجْرَى الضمير، كما أجريت هاء الضمير مُجْرَاهَا في السكُونِ، وهذا ليس بِجَيِّدٍ، ويروى قول المتنبي:[البسيط]
بضم» الهاء «وكسرها على أنها» هاء «السَّكْتِ، شُبِّهَتْ بهاء الضمير فحركت، والأحسن أن تجعل الكسر لالتقاء الساكنين لا لشبهها بالضمير؛ لأن» هاء «الضمير لا تكسر بعد الألف، فكيف بما يشبهها؟
والاقتداءُ في الأصْلِ طَلَبُ المُواقَقَةِ قاله اللَّيْث. ويقال: قدوة وقدو وأصله من القدو وهو أصل البِنَاءِ الذي يتشعب منه تصريف الاقتِدَاءُ.