يؤمون» حالاً من الموصول، وليست حالاً مؤكدة؛ لما تقدم من تَسْويغ وقوعه خبراً، وهو اختلاف المُتَعَلّق، و «الهاء» في «به تعود عنلى القرآن، أو على الرسول.
فصل في معنى الآية
ذكر العلماء في [معنى] قوله تعالى: {والذين يُؤْمِنُونَ بالآخرة يُؤْمِنُونَ بِهِ} أي: الذي يؤمن بالآخرة، وهو الذي يؤمن بالوَعْدِ والوعيد، والثواب والعقاب، ومن كان كذلك فإنه تعظم رغبته في تَحْصيلِ الثواب، ورَهْبَتُهُ عن حُلُولِ العقاب، ويبالغ في النظر في دلائل التوحيد والنبوة، فيصل إلى العلم والإيمان.
وقال بعضهم: إن دين محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ [مبني على الإيمان بالبعث والقيامة، وليس لأحد من الأنبياء مبالغة في تقرير هذه القاعدة مثل ما في شريعة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فلهذا السبب كان الإيمان بنبوة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وبصحة الآخرة أمرين متلازمين] .
قوله:{وَهُمْ على صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} حال، وقدّم» على صلاتهم «لأجْلِ الفاصلة، وذكر أبو علي في» الروضة «، أنَّ أبا بكر قريأ» على صَلَواتِهِمْ «جمعاً والمراد بالمُحَافَظَةُ على الصلوات الخمس.
فإن قيل: الإيمان بالآخرة يحمل كُلِّ الطاعات، فما الفائدة في تخصيص الصَّلاةِ؟ فالجواب: أن المَقْصُودَ التَّنْبيه على أن الصَّلاة أشْرَفُ العبادات بعد الإيمان بالله تعالى، ألا ترى أنه لم يقع اسم الإيمان على شَيءٍ من العبادات لاظاهرة، إلَاّ على الصلاة، كما قال تبارك وتعالى:{وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣] أي: صلاتكم، ولم يقع اسم الكُفرِ على شيء من المَعَاصِ] إلَاّ على تَرْكَ الصلاة، قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:» مَنْ تَرَكَ الصَّلاة مُتَعَمِّداً فَقَدْ كَفَرَ «.
فما اخْتُصَّت الصلاة بهذا النوع من التشريف خصها الله - تبارك وتعالى - بالذِّكْرِ هاهنا.