أحدهما: إنها في محلِّ نصب على الحال من فاعل «جئتمونا» ، و «قد» مضمرة على رأي الكوفيين أي: وقد تركتم.
والثاني: أنها لا مَحَلَّ لها لاستئنافها، و «ما» مفعولة ب «ترك» ، وهي موصولة اسمية، ويضعف جعلها نَكِرَةً موصوفة، والعائد محذوف، أي: ما خَولناكُمُوهُ، و «ترك» متعدية لواحد؛ لأنها بمعنى التخلية ولو ضمنت معنى «صيَّر» تعدَّت لاثنين، و «خوَّل» يتعدَّى لاثنين؛ لأنه بمعنى «أعطى وملك» ، والخول ما أعطاه الله من النِّعم.
وقيل: إعطاء ما يصير له خولاً وقيل: إعطاء ما يحتاج أن يتعهَّدَهُ من قولهم: «فلان خال ما وخايل مال أي حسن القيام عليه» .
وقوله:«وَراءَ ظُهُورِكُمْ» متعلّق ب «تركتم» ويجوز أن يضمن «ترك» هنا معنى «صيَّر» ، فيتعدى لاثنين: أولهما الموصول، والثاني هذا الظرف متعلّق بمحذوف، اي: وصيّرتم بالتَّرْكِ الذي خَوَّلناكموه كائناً وراء ظهوركم.
قوله تعالى:«وَمَا نَرَى» الظَّاهر أنه المُتعدِّية لواحد، فهي بصرية، فعلى هذا يكون «معكم» متعلّق ب «نرى» ، ويجوز أن يكون بمعنى «علم، فيتعدى لاثنين، ثانيهما هو الظرف، فيتعلّق بمحذوف، أي: ما نراهم كائنين معكم، أي مصاحبتكم.
إلَاّ ان أبا البقاء اسْتَضْعَفَ هذا الوجه، وهو كما قال؛ إذ يصير المعنى: وما يعلم شُفَعَاءكم معكم، وليس المعنى عليه قطعاً.
وقال أبو البقاء - رحمه لله -: «ولا يجوز أن يكون أي معكم حالاً من» الشفعاء «؛ إذ المعنى يصير أن شفعاءهم معهم ولا تراهم» . وفيما قاله نظرٌ لا يخفى، وذلك أن النفي إذا دخل على ذاتٍ بِقَيْدٍ، ففيه وجهان: