وإن قُلْنَا: إنه خبر ثان ل «إنَّ» وهو بِتَأوِيل اسْم] واقع موقع خَبَر ثانٍ؛ فلذلك عُطِفَ عليه اسمٌ صريحٌ، ومن عَطْف الاسْمِ على الفِعْلِ لِكَوْن الفِعْلِ بتأويل اسم قَوْلُ الشَّاعِرِ في ذلك: [الطويل]
٢٢٥٥ - فَألْفَيْتُهُ يَوْماً يُبِيرُ عَدُوَّهُ ... وَمُجْرٍ عَطَاءً يِسْتَخِفُّ المَعَابِرَا
وقول القائل في ذلك: [الرجز]
٢٢٥٦ - يَار رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ العَوَاهِجِ ... أمِّ صِبِيَّ قَدْ حَبَا أوْ دَارِجِ
وقول القائل في ذلك: [الرجز]
٢٢٥٧ - بَاتَ يُغَشِّيها بَعَضْبٍ بَاتِر ... يَقْصِدُ فِي أسْوُقِهَا وَجَائِر
أي: مُبيراً، أمِّ صِبيَّ حابٍ، قاصِدٍ.
قوله: «الحَيّ» اسمٌ لما يكون موصوفاً بالحياة، و «المَيِّتُ» اسمٌ للخَالِي عن صفة الحياة، وعلى هذا فالنَّبَاتُ لا يكُون حياً، وفي تَفْسِير هذا الحيِّ والميت قولان:
الأول: حَمْلُ هذا اللَّفظِ على الحقيقة.
قال ابن عبَّاس: أخْرَجَ من النُّطْفَةِ بَشَراً أحْيَاءَ، ثم يُخْرِجُ من البَشَرِ الحيِّ نُطْفَةً مَيِّتَةً، ويُخْرِج من البَيْضَةِ فَرُّوجَةً، ثم يَخْرِج من الدِّجاجَةِ بَيْضَةً مَيَّتةً.
القول الثاني: يُحْمَل على المَجازِ «يخرج» النَّبَات الخَفِيّ من الحَبِّ اليَابِس، ويُخْرِج الحبَّ اليَابِس من النَّبَاتِ الحَي النَّامِي.
وقال ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: يخرج المُؤمِنَ من الكَافِرِ، كما في حقِّ إبراهيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - والكافر من المُؤمن، كما في حقِّ ولد نُوح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - والعاصي من المُطِيع وبالعكس.
وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عصام: «الميّت» مُشدَّدَة الياء في الكَلِمَتَيْن، والباقُون بالتخفيف فيهما.
قوله: {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} قيلك معناه: ذلكم اللَّه، المُبْدِئُ، الخَالِقَن النَّافِعُ، الضَّار، المحيي، المُمِيت، «فانَّى تُؤفَكُونَ» : تُصْرَفُونَ عن الحقِّ في إثْبَات القَوْل بِعِبَادَةِ الأصْنَامِ.