قوله:«وإن أطَعْتُمُوهم» قيل: إنَّ التَّوْطِئة للقسم، فلذلك أجيب القسم المُقَدَّر بقوله:«إنكم لمُشْرِكُون» وحذف جواب الشَّرْط بِلَفْظِ الماضِي، وهو ههنا كذلك، وهو قوله:«وإنْ أطَعْتُمُوهُم» .
قال شهاب الدِّين: كأنه زعم: أنَّ جواب الشَّرْط هو الجُمْلَة من قوه: «إنَّكُم لَمُشْرِكُون» والأصل: «فإنكُم» بالفاء؛ لأنَّها جُمْلَة اسميَّة، ثم حُذِفَت الفاء؛ لكون فِعْل الشَّرْط بِلَفْظِ المُضِيِّ، وهذا لَيْس بِشَيء؛ فإن القَسَم مُقدَّر قَبْل الشَّرْط ويدُل على ذلك حَذْف اللَاّم المُوَطِّئَة قبل «إن» الشَّرْطية، ولَيْس فِعْل الشَّرْط مَاضِياً؛ كقوله تعالى:{وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ}[الأعراف: ٣] فَهَهُنَا لا يُمْكنه أن يقُول: إن الفاء مَحذُوفة؛ لأن فِعْل الشَّرْط مُضارعٌ، وكأن أبا البقاء - والله أعلم - أخذ هذا من الحُوفيِّ؛ فإني رَأيْتُه فيه كما ذَكَرَهُ أبُو البقاء، ورَدَّه أبُو حيَّان بنحو ما تقدم.
فصل في معنى الآية
والمَعْنَى: وإنْ أطعتُمُوهُم في استِحْلال المَيْتَة، إنكم لَمُشْرِكُ ن، وإنَّما سُمِّي مُشْرِكاً؛ لأنه أثْبَت حَاكِماً سِوَى اللَّه، وهذا هو الشِّرك.
وقال الزَّجَّاج: وفيه دَلِيل على أنَّ كُلَّ مَنْ أحَلَّ شيئاً مما حرَّم اللَّه، وحرَّم ما أحَلَّ اللَّه، فهو مُشْرِك.