أعْلَمُ هذه؛ لما تقدَّم مِنْ أنَّ أفْعَلَ لا تنصبُ المفعول به.
قال أبُو عَلِيّ:» لا يجوزُ أنْ يكُونَ العامِلُ في «حَيْثُ» : فِعلاً يدُلُّ عليه «أعْلَمُ» و «حَيْثُ» لا يكونُ ظَرْفاً، بل يكونُ اسْماً، وانتصابُه على المفعلول به على الاتِّساعِن وملُ ذلك في انتصابِ «حَيْثُ» على المفعولِ به اتساعاً قولُ الشَّمَّاخِ: [الطويل]
ف «حَيْثُ» مفعولةٌ، لأنه لي يُريدُ أنه يَرْمِي شَيْئاً حيث تكون النواجِز، إنما يريدُ أنه يرمي ذلك الموضع «. وتبع الناسُ الفَارسيَّ على هذا القول.
فقال الحوفِيُّ:» لَيْسَتْ ظَرْفاً؛ لأنه تعالى لا يكُون فِي مكانٍ أعْلمَ منه في مكانِ آخر، وإذَا لم تكن ظَرْفاً، كان مَفْعُلاً بها؛ على السِّعَةِ، وإذا كانت مَفْعُولاً، لم يعملْ فيها «أعْلَمُ» ؛ لأن «أعْلَمُ» لا يعملُ في المفعولِ بهِ فيقدّرُ لها فِعْلٌ «وعبارةُ ابْنِ عطيَّة، وأبِي البَقَاءِ نحو مِنْ هذا.
وأخذ البرِيزيُّ كلام الفارسيِّ [فنقله] ، وأنْشدَ البيتَ المتقدِّمَ.
والثاني: أنَّها باقيةٌ على ظَرْفِيَّتِهَا بطري المجاز، وهذا القولُ لَيْسَ بشيءٍ، ولكنْ أجَازَهُ أبُو حيَّان مختاراً له على ما تقدم.
فقال:» وما أجازُواه مِنْ أنَّهُ مفعولٌ به على السعة أو مفعولٌ به على غيْرِ السعة - تَأبَاهُ قواعِدُ النَّحْو؛ لأن النحويِّينَ نَصُّوا على أنَّ «حَيْثُ» مِنَ الظرُوفِ التي لا تتصرفُ، وشذَّ إضافةُ «لَدى» إليها، وجرِّها «بالياء» ، وب «في» ، ونصُّوا على أن الظرف المتوسَّعَ فيه لا يكونُ إلَاّ مُتَصرِّفاً، وإذا كان كذلك، امتنع نصبُ «حَيْثُ» على المفعُولِ به، لا على السِّعَة، ولا على غَيْرها.
والذي يَظْهَرُ لِي إقْرارُ «حَيْثُ» على الظَّرفيةِ المجازيَّةِ، على أنْ يُضَمَّنَ «أعْلَمُ» مَعْنَى ما تيعدِّى إلى الظرفِ، فيكون التقديرُ:«اللَّهُ أنْفَذُ عِلْماً حَيْثُ يجعلُ رِسَالاه» أي: «هو نافِذُ العلم في لاموضع الذي يجعل فيه رسالاته، والظرف هنا مجازٌ كما قلنا» .
قال شهابُ الدِّين: قد ترك ما قاله الجمهورُ، وتتابعوا عليه، وتأوَّل شَيْئاً هو