الأوَّل يؤدِّي إلى أن تكُونَ هذه القِرَاءةُ في المَعْنَى، كالقراءة المَنْسُوبة للعَامَّة في كون الشُّركَاء مُزَيِّين للقَتْلِ، وليسوا قَاتِلِين. [والثاني: أن يكون الشُّركاء قَاتِلين] ، ولكن ذلك على سبيل المجازِ؛ لأنهم لما زيَّنُوا قَتْلَهم لآباَائِهِم، وكانوا سَبَاً فيه، نُسِبَ إليهم القَتْل مجازاً.
وقال أبو البقاء:«ويمكن أن يَقَع القَتْل منهم حَقِيقَة» ، وفي نظر؛ لقوله - تبارك وتعالى -: «زَيَّن» والإنْسَان إنما يُزَيَّن له فِعْل نَفْسِه؛ كقوله - تعالى -: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً}[فاطر: ٨] وقال غير أبي عُبَيْد: «وقرأ أهْل الشام كقِرَاءة ابن عامر، إلا أنهم خفَضُوا» الأولاد «أيضاً، وتخريجها سَهْل؛ وهو أن تَجْعَل» شُرَكَائِهم «بدلاً من» أولادِهِم «بمعنى أنهم يُشْرِكُونهم في النَّسب، والمالِ، وغير ذلك» .
قال الزَّجَّاج:«وقد رُوِيت» شُركَائِهم «بالياء في بَعْض المصاحفِ، ولكن لا يَجُوز إلَاّ على أن يكُون» شُركَاؤُهم «من نَعْت الأولاد؛ لأن أولادهم شُرَكَاؤهُم في أمْوالهم» .
وقال الفراء بعد أنْ ذكر قِرَاءة العامَّة وهي «زَيَّن» مبنياً للفاعل، «شركَاؤُهُم» مرفوعاً على أنَّه فاعِل - «وقراءة» زُيِّن «مبنياً للمفعُول،» شركَاؤُهُم «رَفْعاً على ما تقدَّم من أنه بإضْمار فعل، وفي مُصْحَف أهْل الشَّام» شُركَايهم «بالياء، فإن تكُن مُثْبتة عن الأوَّلين، فينبغي أن تقرأ» زُيِّن «ويكون الشُّركَاء هم الأوْلَاد؛ لأنهم مِنءهُم في النَّسْب والمِيراث. وإن كانوا يَقْرَءُون:» زَيِّن «- يعني بفتح الزاي - فَلَسْت أعرف جِهَتَهَا إلا أن يكُونُوا فيها آخِذِين بلُغَة قَوءم يَقُولون: أتْيتُها عَشَايَانَا، ويقولون في تثنية حَمْراء: حَمْرَايَان فهذا وَجْه أن يكُونُوا أرَادُوا: زَيَّن لكثير من المشْرِكِين قتل أوْلادهم شُركَايُهم، يعني بياء مَضْمُومة؛ لأن» شركَاؤُهُم «فاعل كما مَرَّ في قرَاءة العَامَّة.
قال:» وإن شِئْتَ جَعَلْتَ «زَيَّن» فعلاً إذا فَتَحْتَهُ لا يُلبس، ثم تَخْفِض الشركاء بإتباع الأولاد «.
قال أبو شامة:» يعني تَقْدير الكلام: «زَيَّن مُزَيّنٌ» فقد أتَّجَه «شركَائِهِم» بالجرِّ أن يكون نعتاً للأوْلَاد، سواءٌ قُرئ زَيّن بالفتح أو الضم «.
وقرأت فِرْقة من أهْل الشَّامِ - ورُوِيَتْ عن ابن عامر أيضاً -» زِينَ «بكسر الزاي بعدها ياء سَاكِنة؛ على أنه فِعْل مبْنِيّ للمْجُهول على حَدِّ قِيلَ وبيعَ.
وقيل: مَرْفُوع على ما يُسَمَّ فَاعِله، و» أولادهُم «بالنصب، و» شُرَكَائِهِم «بالخَفْضِ، والتَّوْجه واضح مما تقدَّم، فهي [و] القراءة الأولى سواء، غاية ما في البابِ: