للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الخطيب: «وأقول: لَيْس على الظَّهْر شَحْمٌ إلا اللحم الأبْيَض السَّمين المُلْتَصِق باللًّحْم الأحْمَر، وعلى هذا التقدير فذلك اللحم السَّمين الملتَصِق يكوم مُسَمَّى بالشَّحم وبهذا التقدير لو حَلَق ألَاّ يأكُل الشَّحْم، وجَبَ أن يَحْنَث إذا أكل ذلك اللَّحْم السَّمين» .

قوله: «أو الحَوَايَا» في موضعها من الإعْراب ثلاثة أوجُه:

أحدها - وهو قول الكسائي: أنَّها في مَوْضع رفْع عَطْفاً على «ظُهُورُهما» أي: وإلَاّ الَّذي حملَتْه الحَوَاياَ من الشَّحْم، فإنه أيضاً غير مُحَرَّم، وهذا هو الظّاهِر.

الثانيك أنَّها في محل نَصْبٍ نَسَقاً على «شُحُومَهُمَا» أي: حَرَّمْنا عليهم الحَوَايَا أيضاً، أو ما اخْتَلَط بعَظْم، فتكون الحوايا والمُخْتَلط مُحَرَّمين، وإلى هذا ذَهَب جماعةٌ قِليلَةٌ، وتكون «أوْ» فيه كَالتَّتِي في قوله - تعالى -: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: ٢٤] يُراد بها: نَفْي ما يدخُل عليه بطريق الانفِرَاد؛ كما تقول: «هؤلاءِ أهْلٌ أن يُعْصَمْوا فاعْصِ هذا أو هذا» فالمعنى: حرم عليهم هذا وهذا.

وقال الزَّمَخْشَرِي: «أو بمنزلتها في قولهم: جَالِس الحسن أو ابن سيرين» .

قال أبو حيَّان: «وقال النَّحْويُّون» «أو» في هذا المثال للإباحَةِ، فيجوز له أن يُجَالِسَهُمَا وأن يُجَالِس أحدهُمَا، والأحْسَن في الآية إذا قُلْنَا: إن «الحوايا» معطوفٌ على «شُحُومَهُمَا» ، وأن تكون «أوْ» فيه للتفصيل؛ فصَّل بها ما حرَّم عليهم من البقر والغنم «.

قال شهاب الدِّين: هذه العِبارة التي ذكرها الزَّمَخْشَري سبقه إليها الزَّجَّاج فإنه قال: وقال قوم: حُرِّمَت عليهم الثُّرُوب، وأحِلَّ لهم ما حَمَلَت الظُّهُور، وصارت الحوايا أو ما اخْتَلَط بعَظْم نَسَقاً على ما حَرَّم لا على الاستثناء، والمَعْنَى على هذا القول: حُرِّمت عليهم شُحُومَهُمَاً أو الحوايا أو ما اختلط بعَظْمٍ، إلا ما حملت الظُّهُور فإن غير محرَّم، وأدخلت «أو» على سَبِيل الإبَاحَة؛ كما قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: ٢٤] والمعنى: كل هؤلاء أهْلٌ أن يُعْصَى فاعْص هذا أو اعْص هذا و «أو» بَلِغة في هذا المَعْنَى؛ لأنَّك إذا قُلْتَ: «لا تُطِعْ زَيْداً وعَمْراً» فجائز أن تكُون نَهَيْتَي عن طَاعَتهما معاً في حالةٍ، فإذا أطعْتُ زيداً على حَدَته، لم أكُن عَاصياً، وإذا قلت: لا تُطِع زَيْداً أو عمراً أو خالداً، فالمعنى: أن كُلَّ هؤلاءِ أهْلٌ ألَاّ يُطَاع، فلا تُطِع واحداً منهم، ولا تُطِع الجماعة؛ ومثله: جَالِس الحَسَنَ أو أبْنَ سيرين او الشَّعْبي، فليس المَعنى: أني آمُرُكَ بمجَالَسَة واحدٍ منهم، فإن جَالَسْتَ واحِداً منهم فأنْتَ مُصِيبٌ، وإن جَالَسْتَ الجماعة فأنت مُصِيبٌ.

وأمَّا قوله: «فالأحْسَنُ أن تكُون» أو «فيه للتَّفْصِيل» فقد سبقه إلى ذلك أبو البقاء

<<  <  ج: ص:  >  >>