منزَّلٌ من عند الله، والله - تعالى - أوجبَ متابعتَهُ فوجب العمل بِعُمُومِ القرآن، ولمَّا وجب العمل به؛ امتنع العملُ بالقِيَاسِ، وإلَاّ لَزِمَ التَّنَاقَضُ.
وأجيبوا بأن قوله تعالى {فاعتبروا}[الحشر: ٢] يدلُّ على وجوب العمل بالقياس، فكان العمل بالقياس عملاً بإنزال.
فإن قيل: لو كان العمل بالقِيَاس عملاً بما أنزله اللَّهُ لكان تارك العمل بلا قياس كافراً؛ لقوله:{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الكافرون}[المائدة: ٤٤] وحيث اجتمعت الأمَّةُ على عدمِ التَّكْفير؛ علمنا أنَّ العمل بالقياس ليس عملاً بما أنْزَلَ اللَّهُ.
وأجيبوا بأنَّ كون القياس حجَّةً ثبت بإجماع الصَّحابة والإجماع دليل قَاطِعٌ، وما ذكرتمُوهُ تمسُّكٌ بالعُمُومِ، وهو دليل مَظْنُونٌ والقَاطِعُ أولى من المَظْنُونِ.
وأجَابَ نفاةُ القياسِ بأن كون الإجماع حجَّةً قاطِعَةً إنَّما ثبت بِعُمُومَاتِ القُرْآنِ والسُّنَّةِ، والفرع لا يكون أقْوَى من الأصْلِ، وأجِيبُوا بأنَّ الآيَاتِ والأحاديث لما تعاضدت قويت.
قوله:{وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} أي: لا تَتَّخِذُوا غيره أوْلِيَاءَ تطيعونَهُم في مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
قوله:«مِنْ دُونِهِ» يجُوزُ أن يتعلق بالفعل قَبْلَهُ، والمعنى: لا تَعْدِلُوا عَنْهُ إلى غيره من الشَّيَاطِينِ والكُهَّانِ.
والثاني: أن يتعلق بِمَحْذُوفٍ؛ لنه كان في الأصْلِ صفة ل «أولياء» فلمَّا تقدَّم نُصِبَ