أحدهما: أن تكون «لا» مفعولاً بها، و «البخل» بدلٌ منها؛ لأن «لا» تقالُ في المنع فهي مؤدِّية للبُخْلِ.
والثاني: أنَّها مفعول بها أيضاً، و «البُخْل» مفعول من أجْلِهِ، والمعنى: أبي جُودُه لفظ «لا» لأجل البُخْلِ أي: كَرَاهَة البُخْلِ، ويؤيِّدُ عدَمَ الزِّيادةِ روايةُ الجَرِّ.
قال أبُو عمرو بْنُ العلاءِ: «الرِّوايةُ فيه بخفض» البُخْلِ «؛ لأن» لا «تستعمل في البُخْلِ» ، وأنشدُوا أيضاً على زيادتها قول الآخر: [الكامل]
٢٤١١ - ... أفَعَنْكِ لا بَرْقٌ كأنَّ وَميضَهُ
غَابٌ تَسَنَّمَهُ ضِرَامٌ مُثْقَبُ ... يريد أفعنك بَرْقٌ، وقد خرجَّه أبُو حيَّان على احتمال كَوْنِهَا عاطفة، وحذف المعطوف، والتقديرُ: أفعنك لا عن غَيْرِك.
وكون " لا " في الآية زائدة هو مذهب الكسائي، والفراء والزجاج، وما ذكرناه من كون البخل بدلا من " لا "، و" لا " مفعول بها هو مذهب الزجاج.
وحكى بعضهم عن يونس قال: كان أبو عمرو بن العلاء يجر " البخل " ويجعل " لا " مضافة إليه، أراد أبي جوده لا التي هي للبخل؛ لأن " لا " قد تكون للبخل وللجود، فالتي للبخل معروفة، والتي للجود أنه لو قال له: " امنع الحق " أو " لا تعط المساكين " فقال: " لا " كان جودا.
قال شهاب الدين: يعني فتكون الإضافة للتبيين، لأن " لا " صارت مشتركة فميزها بالإضافة، وخصصها به، وقد تقدم طرف جيد من زيادة " لا " في أواخر الفاتحة.
وزعم جماعة أن " لا " في هذه الآية الكريمة غير زائدة لكن اختلفت عبارتهم في تصحيح معنى ذلك؟
فقال بعضهم: في الكلام حذف يصح به النفي والتقدير: ما منعك فأحوجك ألا تسجد؟
وقال بعضهم: المعنى ما ألجأك ألا تسجد.
وقال بعضهم من أمرك ألا تسجد؟ أو من قال لك ألا تسجد، أو ما دعاك ألا تسجد.
قالوا: ويكون هذا استفهاما على سبيل الإنكار، ومعناه أنه ما منعك عن ترك السجود شيء، كقول القائل لمن ضربه ظلما: ما الذي منعك من ضربي، أدينك أم عقلك أم جارك.