ويُقَالُ: رَجُلٌ ثقفٌ لقفٌ، وثَقِيفٌ لَقِيفٌ، بَيِّن الثَّقافة واللَّقَافة. ويُقَالُ: لَقِفَ ولَقِمَ بمعنى واحدٍ، قاله أبُو عُبيدٍ.
ويقالُ: تَلْقَفُ، وتَلْقَمُ، وتَلْهَمُ: بمعنىً واحدٍ.
والفَاءُ في» فإذَا هِيَ «يجوزُ أن تكُون العاطفة، ولا بُدَّ من حَذْفِ جملةٍ قَبْلهَا ليترتَّبَ ما بعد الفاءِ عليها، والتقديرُ:» فألْقَاهَا فإذا هِيَ «.
وَمَنْ جوَّز أن تكون الفاءُ زائدةً في نحو:» خَرَجْتُ فإذا الأسَدُ حَاضِرٌ «جوَّز زيادتها هُنَا.
وعلى هذا فتكونُ هذه الجملةُ قد أوحيت إلى موسى كالَّتي قَبْلَهَا.
وأمَّا على الأوَّل - أعني كون الفاءِ عاطفةً - فالجملةُ غير موحى بها إليه.
قوله:» مَا يَأفكونَ «يجوزُ في» ما «أن تكون بمعنى» الذي «والعائدُ محذوفٌ، أي: الذي يأفِكُونهُ.
ويجوز أن تكُون» ما «مصدرية،» والمصدر «حينئذٍ واقعٌ موقعَ المفعُولِ به، وهذا لا حَاجةَ إلَيْهِ.
وذلك قولُهُ: {مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يَجُوز أن تكون» ما «بمعنى» الذين «، فيكونُ المعنى: بَطَلَ الحبالُ والعِصيُّ الذي عملوا به السِّحر: أي: زَالَ، وذهب بِفُقْدانِهَا، وأن تكون مصدرية، أي: وبطل الذي كانوا يعملونه، أو عملهم.
وهذا المصدرُ يجوزُ أن يكون على بابه.
وأن يكون واقعاً موقع المفعول به. بخلاف» مَا يَأفكُون «فإنَّ يتعيَّنُ أن يكُونُ واقعاً موقع المفعُول به ليصحَّ المعنى؛ إذ اللَّقْفُ يستدعي عَيْناً يصحُّ تسلُّطُه عليها.
ومعنى الإفكِ في اللُّغةِ: قلبُ الشَّيءِ عن وجْههِ، ومنه قِيلَ للكذبِ إفْكٌ، لأنَّهُ مقلْوبٌ عن وجهه.
قال ابنُ عبَّاسٍ:» مَا يَأفِكُونَ «يُريدُ: يَكْذِبُونَ، والمعنى: أنَّ العصا تلقَفُ ما يأفِكُونَهُ، أي: يَقْلِبُونَهُ عن الحَقِّ إلى البَاطِلِ.
قوله: {فَوَقَعَ الحَقُّ «قال مُجاهدٌ والحسنُ: ظَهَرَ.
وقال الفرَّاءُ:» فتبيَّنَ الحَقُّ مِنَ السِّحْرِ «.
قال أهْلُ المعاني: الوُقُوعُ: ظُهُورُ الشَّيءِ بوجوده نازلاً إلى مُسْتَقرَّهِ، {وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ، من السِّحْرِ، وذلك أنَّ السَّحرة قالوا: لئن كان ما صنعَ موسى - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ - سِحراً لَبَقِيَتْ حبالُنا وعصينا ولم تُفْقَدْ، فلما فقدت؛ ثَبَتَ أنَّ ذلك من أمر الله.