قال القَاضِي: قوله:» فَوَقَعَ الحَقُّ «: يفيد قُوَّة الظُّهُورِ والثُّبُوتِ بحيثُ لا يَصحُّ فيه البُطلان كما لا يَصِحُّ في الواقعِ أن يصيرَ إلَاّ واقعاً.
فصل
قلت: فإن قيل: قوله:» فوقع الحَقُّ «يدُلُّ على قوَّةِ الظَّهُورِ.
فكان قوله: {وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} تكريراً.
فالجوابُ: أنَّ المرادَ: مع ثبوت الحقِّ زالت الأعيانُ الَّتي أفكوها، وهي الحِبَالُ والعصا، فعند ذلك ظهرت الغلبةُ.
فصل
قوله:» فَغَلِبُوا هُنالِكَ «يجوزُ أن يكون مكاناً، أي: غُلِبُوا في المكانِ الذي وقع فيه سحرهم، وهذا هو الظَّاهِرُ.
وقيل: يجوزُ أن يكون زماناً، وهذا ليس أصْلُهُ، وقد أثبت لَهُ بعضهم هذا المعنى بقوله تعالى: {هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون} [الأحزاب: ١١] .
ويقول الآخر: [الكامل]
٢٥٤٤ - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . ... فَهُنَاكَ يَعْترفُونَ أيْنَ المَفْزَعُ؟
ولا حُجَّةَ فيهما، لأنَّ المكانَ فيهما واضحٌ.
قوله:» وانقلبُوا صاغرينَ «أي: ذليلين مقهورين. وصاغرين حالٌ من فاعل انقلبُوا والضميرُ في انقلبُوا يجوزُ أن يعودَ على قوم فرعون وعلى السَّحرةِ، إذا جعلنا الانقلابِ قبل إيمان السحرةِ، أو جعلنا انقلبُوا بمعنى: صاروا، كما فسَّره الزمخشريُّ، أي: صاروا أذلَاّءَ مبهوتين مُتَحَيِّرين.
ويجوز أن يعودَ عليهم دُونَ السَّحرةِ إذا كان ذلك بعد إيمانهم، ولم يجعلْ انْقلبُوا بمعنى: صاروا: لأنَّ اللا لا يَصِفُهُم بالصَّغَارِ بعد إيمانهم.
قوله: {وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ} .
قال مقاتل:» ألْقاهُمُ اللَّهُ «. وقيل: ألهمهم اللَّهُ أنْ يسجدُوا فَسَجَدُوا.
قال الأخفشُ: من سرعة ما سَجدُوا كأنَّهم ألقوا.
ف» ساجدين «حال من السَّحرة، وكذلك قالوا أي ألقوا ساجدين قائلين ذلك، ويجوزُ أن يكُون حالاً من الضَّمير المستتر في ساجدينَ.