وقرأ الحسنُ في رواية عنه ونعيمُ بن ميسرة «وَيَذَرُكَ» برفع الرَّاء، وفيها ثلاثة أوُجه:
أظهرها: أنَّه عطف نسق على «أتذر» أي: أتطلق له ذلك.
الثاني: أنه استئناف أي، إخبار بذلك.
الثالث: أنَّهُ حالٌ، ولا بدَّ من إضمارِ مبتدأ، أي: وهو يَذَرُكَ.
وقرأ الحسنُ أيضاً والأشهبُ العُقَيْلِيُّ «وَيَذَرْكُ» بالجزم، وفيه وجهان:
أحدهما: أنَّه جزم على التَّوهُّم، كأنه توهَّم جزم «يُفْسِدُوا» في جواب الاستِفْهَامِ وعطف عليه بالجزمِ، كقوله: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن} [المنافقون: ١٠] بجزم «أكُنْ» .
والثاني: أنَّهَأ تخفيفٌ كقراءة أبي عمرو {يَنصُرْكُمُ} [آل عمران: ١٦٠] وبابه.
وقرأ أنس بن مالك «ونَذَرُكَ» بنون الجماعة ورفع الرَّاءِ، تَوَعَّدُوهُ بذلك، أو أنَّ الأمْرَ يؤولُ إلى ذلك فيكونُ خبراً محضاً. وقرأ عبد الله والاعمش بما يخالف السَّوادَ، فلا حاجة إلى ذكره.
وقرأ العامةُ «آلهَتَكَ» بالجمع.
رُوِيَ أنه كان يعبدُ آلهةً متعددة كالبَقَرِ، ولذلك أخرجَ السَّامري لهم عجلاً، ورُوي أنَّهُ كان يعبدُ الحِجارةَ والكواكب، أو آلهتَه التي شَرَعَ عبادَتَها لهم وجعل نَفْسَهُ الإله الأعلى في قوله: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: ٢٤] .
وقرأ علي بنُ أبي طالب، وابنُ مسعود، وابن عبَّاسٍ، وأنسٌ وجماعة كثيرةٌ «وإلاهتكَ» ، وفيها وجهان:
أحدهما: أنَّ «الإلاهَةَ» اسمٌ للمعبود، ويكونُ المرادُ بها معبودَ فرعون، وهي الشَّمْسُ.
رُوى أنَّهُ كان يعبُد الشَّمْسَ، والشَّمْسُ تُسَمَّى «الإهَةً» ، عَلَماً عليها، ولذلك مُنِعَت الصَّرف، للعمليَّة والتأنيث؛ قال الشَّاعرُ: [الوافر]
٢٥٤٦ - تَرَوَّحْنَا مِنَ اللَّغْباءِ عَصْراً ... فأعْجَلْنَا الإلهَةَ أنْ تَئُويَا