للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنَّ الإلاهة مصدرٌ بمعنى العبادة، أي وتذرُ عبادتك، لأنَّ قومه كانوا يعبدونه.

ونقل ابنُ الأنْباري عن ابن عبَّاسٍ أنَّهُ كان يُنكر قراءة العامَّة، ويقرأ «وإلاهتك» ، وكان يقول: إنَّ فرعون كان يُعْبَدُ ولا يَعْبُدُ.

قال ابنُ الخطيبِ: والذي يخطر ببالي أنَّ فرعون إن قلنا: إنَّه ما كان كامل العقل لم يَجُزْ في حكم اللَّهِ تعالى إرسال الرسول إليه، وإن كان عَاقِلاً لم يَجُز أنْ يعتقدَ في نفسه كونه خالقاً للسَّمواتِ والأرضِ، ولم يجز في الجمع العظيم من العقلاء أن يعتقدوا فيه ذلك، لأنَّ فسادهُ معلوم بالضَّرُورةِ، بل الأقربُ ان يقال: إنَّهُ كان دَهْرياً مُنكراً لوجود الصَّانِع، وكان يقُولُ: مُدبِّرُ هذا العالم السُّفْلي هو الكواكِبُ، وأنا المخدوم في العالمِ للخلق، والمُربي لهم فهو نفسه.

فقوله: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: ٢٤] أي: مُرببكم والمنعم عليكم والمطعم لكم.

وقوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} [القصص: ٣٨] أي: لا أعلم لكم أحداً يجب عليكم عبادته إلَاّ أنا، وإذا كان مذهبه ذلك لم يبعد أن يقال إنَّهُ كان قد اتخذ أصناماً على صور الكواكب يعبدها، ويتقرب إليها على ما هو دين عبدة الكواكب، وعلى هذا فلا امتناع في حمل قوله تعالى: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} على ظاهره.

قوله: «قَالَ سَنُقَتِّلُ» قرأ نافعٌ وابْنُ كثير بالتخَّفيفِ سنقتل والباقون بالتضعيف لتعدُّد المحالّ. وسيأتي أنَّ الجماعة قَرَءُوا «يُقَتِّلُونَ أبناءكم» بالتضعيف إلَاّ نافعاً فيخفف.

فتخلص من ذلك انَّ نافعاً يقرأ الفعلين بالتخفيف، وابن كثير يُخَفف «سنَقْتُل» ويثقل «يُقَتِّلُونَ» ، والباقون يثقِّلونها.

قوله: «ونستحيي نِسَاءهُمْ» . أي نتركهم أحياء. والمعنى: أنَّ موسى إنَّما يُمْكنه الإفسادُ برهطه وبشيعته فنحنُ نسسعى في تقليل رهطه وشيعته، بأنْ نقتِّلَ أبناء بني إسرائيل، ونستحيي نساءهم.

ثم بَيِّن أنَّهُ قادرٌ على ذلك بقوله: {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} أي: إنَّمَا نترك موسى لامِنْ عجزٍ وخوفٍ، ولو أردنا البَطْشَ به لقدرنا عليه.

قال ابنُ عباس: أمر فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل، فشكت ذلك بنو إسرائيل إلى موسى، فقال لهم مُوسَى: {استعينوا بالله واصبروا إِنَّ الأرض للَّهِ} يعني أرض مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>