فنهى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن قتل الصُّرَدِ؛ لأنه كان دليل إبراهيم، وعن قتل الضّفدع؛ لأنها كانت تصب الماء على نَارِ غبراهيم، ولما تسلَّطت على فرعون جاءت، وأخذت الأمكنة كلها، فلما صارت إلى التَّنُّور وثَبَتْ فيها وهي نار تسعر طاعة لله، ولكن نار يسعرها الله بها؛ فَجَعَلَ» نقيقها «تسبيحاً.
والدَّم ذكرناه وهو معروف.
قال زيد بنُ أسلم: الدَّم الذي سلطة اللَّهُ عليهم كان الرُّعَاف، ونقله الزمخشريُّ.
قوله: «آيَاتٍ مفصّلات» . آياتٍ منصوبة على الحال من تلك الأشياءِ المتقدّمة أي أرْسَلْنَا عليهم هذه الأشياءَ حال كونها علاماتٍ ممزياً بعضها من بعض، ومُفَصَّلاتٍ فيها وجهان:
أحدهما: مُفَصَّلات أي: مُبينات لا يشكلُ على عاقل أنَّهَا من آيات اللَّهِ التي لا يقدر عليها غيره.
وقي: مُفَصّلات أي: فَصَّلَ بعضها من بعض بزمانٍ يمتحن فيه أحوالهم هل يقبلون الحُجَّة، أو يستمرون على المُخالفةِ؟ فاسْتَكْبَرُوا عن عبادة اللَّهِ {وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ} .
فصل فإن قيلَ لمَّا علم اللَّهُ تعالى من حالهم أنَّهُم لا يؤمنون بتلك المُعجزاتِ، فما الفائدة في تواليها؟ وقوم مُحمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طلبُوا المعجزات فما أجِيبُوا فما الفرق؟
فالجوابُ: قال بعضُ أهل السُّنَّةِ: يفعلُ اللَّهُ ما يشاءُ، ويحكم ما يريد.
وقال آخرون: إنَّمَا فعلَ ذلك زَجْراً لنا، وموعظةً وإعلاماً بأنَّ المُصرَّ على الكُفْرِ يستوجبُ العذابَ المؤبّد. وأجاب المُعتزلَةُ: برعاية الصالح، فلعلَّهُ علم من قوم مُوسَى أنَّ بعضهم كان يؤمن عند ظهور المعجزة الزَّائدة كمؤمن آل فرعونَ وكالسَّحرةِ، وعَلِمَ من قوم محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنَّ أحداً منهم لا يَزْداد بِظُهُورِ المُعْجِزَةِ الزَّائِدِة إلَاّ كُفْراً. فظهر الفرقُ.
قوله: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرجز} ، أي نزل بهم العذاب من الطُّوفَانِ، وغيره.
وقال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ: الطاعون.
وقيل: مات منهم سبعون ألفاً في يوم واحد. وتقدم الكلام على الرِّجْز في البقرة عند قوله: {فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السمآء} [البقرة: ٥٩] .
قوله {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} . يجوزُ في هذه الباء وجهان:
أظهرهما: أن تتعلَّق ب «ادْعُ أي: ادْعُهُ بالدُّعاء الذي علَّمك أن تدعوه به.
والثاني: أنَّها باء القسم.
قال الزمخشريُّ: والباء إمَّا تتعلَّق ب» ادْع «على وجهين: