وقال مقاتل وغيره: إنَّ الله مسحَ صفحةَ ظهر آدمَ اليمنى فأخرج منه ذريةً بيضاء كهيئة الذر ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذريةً سوداء كهيئة الذَّرِّ، فقال يا آدم هؤلاء ذريتك. ثم قال لهم ألسْتُ بربكُمْ قالُوا بلى. فقال للبيض هؤلاء للجنَّة برحمتي، وهم أصحاب اليمين. وقال للسود هؤلاء للنَّار، ولا أبالي، وهم أصحاب الشِّمالِ، ثمَّ أعادهم جميعاً في صلب آدم فأهلُ القبورِ محبوسون حتَّى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلابِ الرجالِ، وأرحام النِّساءِ.
قال تعالى يمن نقض العهد:{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ}[الأعراف: ١٠٢] الآية. وإلى هذا القول ذهب سعيدُ بنُ المسيب، وسعيد بن جبير، والضَّحَّاكُ، وعكرمة والكلبي.
وقال بعض أهل التفسير: إن أهل السَّعادَةِ أقَّرُّوا طوعاً وقالوا» بَلَى «، وأهل الشقاوة قالُوه تقيةً وكرهاً. وذلك معنى قوله:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً}[آل عمران: ٨٣] .
واختلفوا في موضع الميقاق.
قال ابن عباس: ببطن نعمان، وهو وادٍ إلى جنب عرفة وروي عنه أنه بدَهْنا في أرض الهندِ، وهو الموضعُ الذي هبط آدم عليه.
وقال الكلبيُّ: بين مكة والطائف.
وروى السُّدي: أن الله أخرجهم جميعاً، وصورهم وجعل لهم عقولاً يعلمون بها، وألسناً ينطقون بها، ثمَّ كلمهم قبلاً أي: عياناً، وقال» ألسْتُ بِرِبِّكُمْ «؟ .
وقال الزَّجَّاجُ: وجائز أن يكون الله تعالى جعل لأمثال الذّر فَهْماً تعقل به كما قال تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ}[النمل: ١٨] .
قال القرطبيُّ: قال ابنُ العربيُّ: فإن قيل: فكيف يجوز أن يُعذِّبَ الله الخلق قبل أن يذنبوا، أو يعاقبهم على ما أراده منهم وكتبه عليهم؟