للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن يتعلق بمحذوفٍ على أنَّهُ حال من مفعول: «أخْرَجَكَ» أي: ملتبساً بالحقِّ.

قوله: وإن فريقاً الواو للحال، والجملة في محلِّ نصب، ولذلك كُسرت «إنَّ» ومفعول «كَارِهُونَ» محذوفٌ، أي: لكارهون الخروج، وسببُ الكراهية: إمَّا نفرة الطبع ممَّا يتوقَّع من القتال، وإمَّا لعدم الاستعداد. والمراد ب «بيته» بيته بالمدينة، أو المدينة نفسها.

فصل

روى ابنُ عبَّاس، وابنُ الزُّبير، ومحمَّد بنُ إسحاق، والسُّديُّ أنَّ أبا سفيان أقبل من الشَّام في عير لقريش في أربعين راكباً من كفَّارِ قريش منهم: عمرُو بن العاصِ، ومخرمة ابنُ نوفل، وفيها أموال كثيرة، حتَّى إذا كانوا قريباً من بدر، أخبر جبريل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأعجبهم تلقي العير، لكثرة الخير، وقلة العدوِّ، فانتدب النَّاس، فخفَّ بعضهم وثقل بعضهم؛ لأنهم لم يظنُّوا أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يلقى حرباً.

فلمَّا سمع أبُو سفيان بمسير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، استأجرَ ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكَّة وأمره أن يأتي قريشاً يستنفرهم، ويخبرهم أنَّ محمداً قد عرض عليرهم في أصحابه، فخرج ضمضم سريعاً إلى مكَّة.

وقد رأت عاتكة بنت عبد المطالب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعتني وخشيت أن يدخل على قومك منها شرّ ومُصيبة فاكتم عليَّ ما أحدثك.

قال لها: وما رأيتُ؟ قالت: رأيتُ راكباً أقبل على بعيرٍ لهُ حتَّى وقف بالأبطح ثمَّ صرخ بأعلى صوته ألا فانفرُوا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث فأرى النَّاس قد اجتمعُوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حولهُ مثل به بعيره على ظهر الكعبةِ، ثمَّ صرخ بمثلها أعلى صوته ألا فانفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاثٍ، ثمَّ مثل به بغيره على رأس أبي قبيس، ثمَّ صرخ بمثلها ثم أخذ صخرة، فأرسلها فأقبلت تهوي حتّضى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضَّت فما بقي بيت من بيوت مكَّة إلَاّ دخلته منها فلقةٌ، فحدَّث بها العباس الوليد، فذكرها الوليدُ لأبيه عتبة ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش.

قال العباس: فغدوت أطوف بالبيت وأبو جهل في رهط من قريش قعود يتحدَّثُون برؤيا عاتكة، فلمَّا رأني أبو جهل قال: با أيا الفضل إذا فرغت من طوافك أفقبل إلينا.

قال: فلمَّا فرغتُ أقبلتُ حتَّى جلست مهم.

فقال أبو جهل: ييا بني عبد المطلب متى حدثت هذه النبية فيكم قلت: وما ذاك؟ .

قال: الرُّؤيَا التي رأتها عاتكة قلت: وما رأت؟

قال: يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن تتنبأ رجالكم حتَّى تتنبأ نساؤهم لقد زعمت عاتكةُ في رؤياها أنَّهُ قال: انْفِرُوا في ثلاثٍ، فسنتربّص بكم هذه الثلاث، فإن يكُ ما قالت

<<  <  ج: ص:  >  >>