المؤمنين، إلَاّ أنَّ المؤمنين يحصل لهم آفة بسبب آخر، فلمَّا قال:«وينصُرْكم عليْهِمْ» دلَّ على أنهم ينتفعون بهذا النصر والفتح والظفر.
ورابعها: قوله {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} . قرأ الجمهور بياء الغيبة، رَدّاً على اسم الله تعالى، وقرأ زيد بن علي «نشف» بالنُّون، وهو التفات حسن، وقال:«قَوْمٍ مُؤمنينَ» شهادة للمخاطبين بالإيمان، فهو من باب الالتفات، وإقامة الظَّاهر مقام المضمر، حيث لم يقل «صدوركم» .
ومعلوم أنَّ من طال تأذِّيه من خصمه، ثم مكَّنه الله منه على أحسنِ الوجوه، فإنَّهُ يعظم سروره به، ويصير ذلك سبباً لقوة النفس، وثبات العزيمة.
وقال مجاهدٌ والسديُّ «أراد صدور خزاعة حلفاء رسول الله، حيث أعانت قريش بني بكر عليهم حتى نكّلوا بهم، فشفى الله صدورهم من بني بكر بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» .
وخامسها: قوله: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} كرْبَهَا ووَجْدهَا بمعونة قريش بني بكر عليهم.
فإن قيل: قوله {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} وبين قوله: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} فهذه المنافع الخمسة ترجع إلى تسكين الدَّواعي الناشئة من القوَّة الغضبيَّة، وهي التَّبشفي، ودرك الثَّأر وإزالة الغيظ، ولم يذكر فيها وجدان المال، والفوز بالمطاعم والمشارب؛ لأنَّ العرب جبلوا على الحميّة والأنفة، فرغبهُم في هذه المعاني لكونها لائقة بطباعهم.
وقرأ الجمهور:«ويُذْهب» بضمِّ الياء وكسرِ الهاء مِنْ: «أذْهَبَ» ، و «غَيْظَ» مفعول به وقرىء «ويَذْهَب» بفتح الياء والهاء، جعله مضارعاً ل «ذَهَبَ» ، و «غيظُ» فاعل به