للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بكفر الذين مضوا من الأمم الكافرة» كما قال في مشركي العرب: {كَذَلِكَ قَالَ الذين مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: ١١٨] .

وقال القتيبي: «يريد من كان في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من اليهود والنصارى، يقولون ما قال أسلافهم» .

قوله: «قَاتَلَهُمُ الله» قال ابنُ عبَّاسٍ: لعنهم الله. وقال ابن جريج: قتلهم اللهُ.

وقيل: هذا بمعنى التَّعجب من شناعةِ قولهم، كما يقال: ركبوا شنيعاً، قاتلهم اللهُ ما أعجب فعلهم، وهذا التعجب إنَّما هو راجع إلى الخلقِ، والله لا يتعجَّبُ من شيء، ولكن هذا الخطابُ على عادة العرب في مخاطبتهم، والله عجب منهم في تركهم الحق وإصرارهم على الباطل.

«أنى يُؤْفَكُونَ» أي: كيف يصرفون عن الحق بعد قيام الأدلة عليه.

قوله {اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله} .

الأحْبَارُ: العلماءُ. قال أبو عبيد: «الأحبارُ: الفقهاءُ قد اختلفوا في واحده، فقال بعضهم:» حَبْرٌ «، وقال بعضهم» حِبْرٌ «.

وقال الأصمعيُّ: لا أدري أهو الحِبْرُ أو الحَبْرُ «. وكان أبو الهيثم يقول:» واحد «الأحبار» «حَبْرٌ» بالفتح لا غير، وينكر الكسر «وكان الليثُ، وابن السِّكيت يقولان» حِبْر «و» حَبْر «للعالم ذِمِّيّاً كان أو مسلماً، بعد أن يكون من أهل الكتاب» . وقال أهل المعاني: «الحبر» : العالم الذي صناعتُه تحبير المعاني بحس البيان عنها، وإتقانها، ومنه: ثوب محبر، أي: جمع الزينة، والرَّاهبُ: الذي تمكنت الخشية والرهبة في قلبه، وظهرت آثار الرهبة على وجهه ولباسه. وفي عرف الاستعمال، صار الأحبارُ مختصاً بعلماء اليهود من ولد هارون.

والرُّهبان: علماء النَّصارى أصحاب الصَّوامع. ومعنى اتخاذهم أرباباً: أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم، واستحلُّوا ما أحلوا، وحرموا ما حرموا.

قال أكثرُ المفسرين: «ليس المراد من الأرباب أنَّهم اعتقدوا إلهيتهم، بل المراد: أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم» .

قال عدي بن حاتم: «أتيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وفي عنقي صليب من ذهب وهو يقرأ سورة براءة، فقال:» يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك «فطرحته، ثم انتهى إلى قوله: {اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله} فقلت: إنّا لنسا نعبدهم، فقال:» أَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>