قوله:{قُل لَّن يُصِيبَنَآ} قال عمر بن شقيق: سمعت «أعين» قاضي الرَّيِّ يقرأ «لن يُصيبنَّا» بتشديد النون.
قال أبُو حاتم: ولا يجوزُ ذلك؛ لأنَّ النُّونَ لا تدخلُ مع «لَنْ» ، ولو كانت لطلحة بن مصرف، لجاز، لأنها مع «هل» ، قال الله تعالى {هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}[الحج: ١٥] .
يعني أبو حاتم: أنَّ المضارع يجوز توكيده بعد أداة الاستفهام، وابن مصرف يقرأ «هَلْ» بدل «لَنْ» ، وهي قراءة ابن مسعود. وقد اعتذر عن هذه القراءة بأنَّها حملت «لن» على «لم» و «لا» النافيتين، و «لم» و «لا» يجوز توكيد الفعل المنفيِّ بعدهما.
أمَّا «لا» فقد تقدم تحقيق الكلام عليها في الأنفال. وأما «لم» فقد سمع ذلك فيها؛ وأنشدوا:[الرجز]
أراد:«يَعْلمَنْ» فأبدل الخفيفة ألفاً بعد فتحة، كالتنوين. وقرأ القاضي أيضاً، وطلحة «هَلْ يُصَيِّبنا» بتشديد الياء. قال الزمخشريُّ: ووجهه أن يكون «يُفَيْعِل» لا «يُفَعِّل» لأنَّهُ من ذوات الواو، كقولهم: الصَّواب، وصَابَ يَصوبُ، ومَصَاوب، في جمع «مصيبة» فحقُّ «يُفَعِّل» منه «يُصَوِّب» ، ألا ترى إلى قولهم: صوَّب رأيه، إلَاّ أن يكون لغة من يقول: صَابَ السَّهْمُ يصيبُ؛ كقوله:[المنسرح]
يعني: أن أصله «يُصَوْيب» فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياءً، وأدغم فيها.
وهذا كما تقدم في «تَحَيَّزَ» أنَّ أصله «تَحَيْوزَ» ، وأمَّا إذا أخذناه من لغة من يقول: صَاب السَّهم يصيب، فهو من ذوات الياء فوزنه على هذه اللغة «فَعَّلط.
فصل
المعنى: قل لهم يا محمد {لَّن يُصِيبَنَآ إِلَاّ مَا كَتَبَ الله لَنَا} أي: علينا، وقدره في اللوح المحفوظ، أو يكون المعنى» لنْ يُصيبنَا إلَاّ ما كَتَبَ اللهُ لَنَا «أي: في عاقبة أمرنا من