{إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله}[الفتح: ١٠] ؛ فلذلك جعل الضميرين ضميراً واحداً، تنبيهاً على ذلك.
الثاني: أنَّ الضمير عائدٌ على المثنى بلفظِ الواحد بتأويل المذكور؛ كقول رؤبة:[الرجز]
٢٨٠٥ - فِيهَا خُطُوطٌ من سوادِ وبلق ... كأنَّهُ في الجِلْدِ توليعُ البَهَقْ
أي: كأن ذلك المذكور، وقد تقدم بيان هذا في أوائل البقرةِ. الثالث: قال المبرد: في الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ، تقديره: واللهُ أحقُّ أن يرضوه ورسوله وهذا على رأي من يدَّعي الحذف من الثاني.
الرابع - وهو مذهب سيبويه -: أنَّه حذف خبر الأوَّل، وأبقى خبر الثَّاني، وهو أحسنُ من عكسه، وهو قول المبرِّدِ؛ لأن فيه عدم الفصل بين المبتدأ أو خبره بالإخبار بالشيء عن الأقرب إليه؛ وأيضاً فهو متعين في قول الشَّاعر:[المنسرح]
أي: نحن راضون، حذف «راضُون» ، لدلالةِ خبر الثاني عليه.
قال ابنُ عطية:«مذهبُ سيبويه أنَّهُما جملتان، حذفت الأولى، لدلالة الثانية عليها» .
قال أبُو حيان:«إن كان الضمير في» أنَّهُمَا «عائداً على كلِّ واحدةٍ من الجملتين، فكيف يقول» حُذفت الأولى «والأولى لم تحذف، إنما حذفَ خبرها؟ وإن كان عائداً على الخبر وهو {أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} فلا يكونُ جملة إلَاّ باعتقاد أن يكون» أن يُرضُوهُ «مبتدأ وخبره» أحَقُّ «مقدماً عليه، ولا يتعيَّنُ هذا القول؛ إذْ يجوزُ أن يكون الخبرُ مفرداً بأن يكون التقدير: أحقُّ بأنْ تُرضُوه» .
قال شهابُ الدِّين: إنما أراد ابنُ عطية التقدير الأول، وهو المشهورُ عند المعربين يجعلون «أحقُّ» خبراً مقدَّماً، و «أن يُرْضوهُ» مبتدأ مؤخراً، والله ورسوله إرضاؤه أحقُّ. وقتد تقدم تحرير هذا في قوله:{فالله أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ}[التوبة: ١٣] . قوله {إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} شرطٌ جوابه محذوف أو متقدم.
فصل
قال القرطبيُّ «تضمَّنتْ هذه الآية قبول يمين الحالف، وإن لم يلزم المحلوف له