قوله:«وَيَسْتَحْيُونَ» عطف على ما قبله، واصله:«يَسْتَحييُون» ، فأعلّ بحذف الياء بعد حذف حركتها، وقد تقدم بيانه فوزنهك «يَسْتَفعُون» .
والمراد بالنِّسَاء: الأطفال، وإنما عبر عنهم بالنساء، لمآلهن إلى ذلك.
وقيل: المراد غير الأطفال كما قيل في الأبناء. ولام «النساء» الظاهر أنها من واو لظهورها في مرادفه وهوك نِسْوَان ونِسْوَة.
وهل «نساء» جمع «نسوة» أو جمع «امرأة» من حيث المعنى؟ قولان، ويحتمل أن تكون ياءً اشتقاقاً من النّسْيَان.
قوله:{وَفِي ذَلِكُمْ بلااء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} الجار والمجرور خبر مقدم، و «بَلَاء» مبتدأ. ولامه واو لظهورها في الفعل نحوك بَلَوْتُه {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ}[البقرة: ١٥٥] ، فأبدلت همزة. والبلاء يكون في الخير والشر، قال تعالى:{وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥] ؛ لأن الابتلاء امتحان، فيمتحن الله عباده بالخير ليشكروا، وبالشر ليصبروا.
وقال ابن كيسن:«أَبْلَاه وبَلَاه في الخير والشر» ؛ وأَنْشَدَ:[الطويل]
٤٧٩ - جَزَى الله بِالخَيْرَاتِ ما فعلَا بِكُمْ ... وَأَبْلَاهُمَا خَيْرَ البَلَاءِ الَّذِي يَبْلُو
فجمع بين اللغتين.
وقيل: الأكثر في الخير أَبْلَيْتُهُ، وفي الشر بَلَوْتُهُ، وفي الاختبار ابْتَلَيْتُهُ وبَلَوْتُهُ.
قال النحاس: فاسم الإشارة من قوله: «وفي ذلكم» يجوز أن يكون إشارة إلى الإنْجَاءِ وهو خير محبوب، ويجوز أن يكون إشارة إلى الذّبح، وهو شر مكروه.
وقال الزمخشري: والبلاء: المِحْنة إن أشير ب «ذلكم» إلى صنيع فِرْعَونَ، والنعمة إن أشير به إلى الإنجاء، وهو حسن.
وقال ابن عطية:«ذلكم» إشارة إلى جملة الأمر، إذ هو خير فهو كفرد حاضر، كأنه يريد أن يشير به إلى مجموع الأمرين من الإنْجَاءِ، والذبحن ولهذا قال بعده:«يكون البلاء في الخير والشر» ، وهذا غير بعدي؛ ومثله:[الرمل]