قال ابنُ الخطيب:«وروي عن ابن مسعودٍ أنه قال: لم يستطع نوحٌ أن يحمل الأسد حتَّى ألقيت عليه الحمى، وذلك أنَّ نُوحاً - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - قال: يا ربِّ فمن أين أطعم الأسد، إذا حملته؟ قال الله - تعالى -:» فسوف أشغله عن الطعام فسلَّط الله عليه الحمى «وأمثال هذه الكلمات الأولى تركها، فإنَّ حاجة الفيل إلى الطَّعام أكثر، وليست به حُمَّى» .
وروى زيد بن أسلم عن أبيه مرسلاً أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: لمَّا حمل نوح في السفينة من كُلِّ زوجين اثنين، قال أصحابه: وكيف يطمئن، أو تطمئن المواشي، ومعنا الأسد، فسلَّط الله عليه الحمى، فكانت أوَّلُ حمى نزلت الأرض، ثم شكوا الفأرة فقالوا: الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا، فأوحى الله إلى الأسدِ، فعطس الأسد فخرجت الهرة؛ فتخبأت الفأرة منها.
قوله:«وأهْلَك» نسقٌ على «اثْنَيْنِ» في قراءة من أضاف «كُل» ل «زَوْجَيْنِ» ، وعلى «زَوْجَيْنِ» في قراءة من نوَّن «كُل» وقوله: «إلَاّ من سبقَ» استثناءٌ متصل في موجب، فهو واجب النَّصْبِ على المشهُور.
وقوله:«وَمَنْ آمَنَ» مفعول به نسقاً على مفعول «احْمِلْ» .
فصل
روي أنَّ نوحاً - عليه الصلاة السلام - قال يا رب: كيف أحملُ من كلِّ زوجين اثنين؟ فحشر الله - تعالى - إليه السباع والطير، فجعل يضربُ بيده في كل جنس فيقع الذَّكرُ في يده اليمنى والأنثى في يده اليسرى، فيجعلهما في السفينة.
«ومَنْ آمَنَ» يعنى: واحمل من آمن بك، قال تعالى:{وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلَاّ قَلِيلٌ} . قال قتادةُ بنين سام وحام ويافث ونساؤهم.
وقال الأعمشُ: كانوا سبعة: نوحٌ وثلاثة بنين له وثلاثُ كنائن وقال ابن إسحاق: كانوا عشرة سوى نسائهم، نوح وبنوه: سام وحام ويافث، وستة أناس ممن كان به، وأزواجهم جميعاً.