قيل: هو كنايةٌ عن ضيق الصَّدْرِ.
وقوله: «عَصِيبٌ» العَصِبُ والعَصبْصَبُ والعَصُوب: اليومُ الشَّديدُ الكثيرُ الشَّرَّ، الملتفُّ بعضه ببعض قال: [الوافر]
٣٠٠١ - وكُنْتَ لِزازَ خَصْمِكَ لَمْ أعَرِّدْ ... وَقَدْ سَلكُوكَ في يومٍ عَصِيبِ
وعن أبي عبيدة: «سُمِّي عصيباً؛ لأنَّه يعصبُ النَّاسَ بالشَّرِّ» . كأنَّه عصب به الشَّر والبلاء أي: حشدوا والعِصَابةُ: الجماعةُ من النَّاس سُمُّوا بذلك لإحاطتهم إحاطة العصابة.
والمعنى: أنَّ لوطاً لمَّا نظر إلى حسن وجوههم، وطيب روائحهم، أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشةِ، وعلم أنَّه سيحتاجُ إلى المدافعة عنهم، فلذلك ضاق بهم ذَرْعاً أي: قَلْباً.
يقال: ضَاقَ ذَرْعُ فلان بكذا، إذا وقع في مكروهٍ، ولا يطيقُ الخُروج منه.
قوله: {وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ} «يُهْرَعُونَ» في محلِّ نصب على الحال. والعامَّةُ على «يُهْرَعُونَ» مبنياً للمفعول. وقرأ فرقة بفتح الياء مبنيّاً للفاعل من لغة «هَرَع» والإهراعُ: الإسْراعُ.
ويقالُ: هو المَشْيُ بين الهرولة والجمز.
وقال الهرويُّ: هَرَعَ وأهرع: استحث.
وقيل: «الإهراعُ: هو الإسْرَاع مع الرّعدة» .
قيل: هذا من باب ما جاء بصيغةِ الفاعلِ على لفظِ المفعولِ، ولا يعرف له فاعل نحو: أولع فلان، وأرْعِدَ زَيْدٌ، وزُهي عمرٌو من الزهو.
وقيل: لا يجوزُ ورود الفاعل على لفظ المفعول، وهذه الأفعالُ عرف فاعلوها. فتأويلُ أولع فلانٌ أي: أولعهُ حبُّه، وأرْعدَ زيدٌ أي: أرعده غضبه، وزُهي عَمْرٌو أي: جعله ما لهُ زاهياً، وأهرع خوفه، أو حرصه.
فصل
روي أنَّه لمَّا دخلت الملائكةُ دار لوط - عليه السلام - مضت امرأته فقالت لقومه: دخل دارنا قوم ما رأيت أحسن منهم وجوهاً ولا أطيب منهم رائحة ف «جَاءَهُ قَوْمُهُ» مسرعين {وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات} أي: من قبل مجيئهم إلى لوطٍ كانوا يأتون